بیان صریح
البيان الصريح والبرهان الصحيح في مسألة التحسين والتقبيح
اصناف
وقال في العضد: لا يمتنع أن يقال بالجواب العقلي مع نفي التعذيب قبل البعثة.
وقال في حاشية عليه لبعص سادات أهل البيت عليهم السلام: لأن الوجوب العقلي إنما يقتضي جواز التعذيب لا وقوعه، والآية إنما تعرضت لنفي الوقوع لا للجواز.
قلت: ولا يصح أن يكون واردا مورد التمدح إلا وهو ترك لأمر مستحق؛ إذ لا يصح فما كنا معذبين للمحسنين حتى نبعث رسولا، ويؤيد هذا المعنى ما حكاه ابن القيم عن المعتزلة حيث قال: وأما المعتزلة فقد أجابوا عن ذلك بأن قالوا: الحسن والقبح العقلي يقتضي استحقاق العقاب على فعل القبيح وترك الحسن، ولا يلزم من استحقاق العقاب وقوعه لجواز العقل عنه.
قالوا: ولا يرد هذا علينا حيث منع العفو بعد البعثة إذا وعد الرب على الفعل؛ لأن العذاب قد صار واجبا بخبره ومستحقا بارتكاب القبيح، وهو سبحانه لم يحصل منه إيعاد قبل البعثة فلا يقبح العفو؛ لأنه لا يستلزم خلفا في الحر وإنما غايته ترك حق قد وجب قبل العبد.
والتحقيق في هذا: أن سبب العقاب قائم قبل البعثة، ولكن لا يلزم من وجود سبب العذاب حصوله؛ لأن هذا السبب قد نصب الله سبحانه له شرطا وهو بعثة الرسل، وانتفاء التعذيب قبل البعثة هو لانتفاء شرطه لا لعدم سببه ومقتضيه.
وهذا فصل الخطاب في هذا المقام، وبه يزول كل إشكال في المسألة، وينقشع غيمها، ويسفر صبحها. والله الموفق للصواب.
صفحہ 101