(فالجواب): أنه ليس للبيضاوي، ومن ذكر، عبارةٌ تخالف ما قاله السلف والعلماء في معنى الآيات، ومعاذ الله أن يقول المجيب: إن هؤلاء كفار، ولا يوجد عن أحد من علماء المسلمين أنه كَفَّرَ أحدًا قد مات من هذه الأمة ممن ظاهره الإسلام، فلو وجد في كلامه زلة من شرك أو بدعة، فالواجب التنبيه على ذلك والسكوت عن الشخص؛ لما تقدم من أنا لا ندري ما خاتمته. وأما هؤلاء الذين ذكرهم من المفسرين فإنهم من المتأخرين الذين نشؤوا في اغتراب من الدين.
عيوب الكشاف
والمتأخرون يغلب عليهم الاعتماد على عبارات أهل الكلام المُخَالِفَة لما عليه السلف وأئمة الإسلام من: الإرجاء، ونفي حكمة الله، وتأويل صفات الله -تعالى- وسلب معانيها ما يقارب ما في كشاف الزمخشري والإرجاء والجبر يقابل ما فيه من نفي القدر، وكلاهما في طَرَفَيْ نَقِيضٍ، وكُلٌّ خَالَفَ ما عليه أهل السنة والجماعة في ذلك. ومعلوم أن صاحب الكشاف أقدمُ من هؤلاء الثلاثة، وأرسخ قدما منهم في فنون من العلم، ومع هذا فقد قال شيخ الإسلام البلقيني: استخرجتُ ما في الكشاف من دسائس الاعتزال بالمناقيش، وقال أبو حيان -وقد مدح الكشاف وما فيه من لطيف المعنى ثم- قال:
ولكنه فيه مجال لناقد ... وزلات سوء قد أخذن المخانقا
فيثبت موضوع الأحاديث جاهلا ... ويعزو إلى المعصوم ما ليس لائقا
وينسب إبداء المعاني لنفسه ... ليوهم أغمارا وإن كان سارقا
ويُسهِبُ في المعنى الوجيز دلالة ... بتكثير ألفاظ تسمى الشقاشقا
يُقَوِّلُ فيها اللهَ ما ليس قائلا ... وكان مُحِبا في المخاطب وامقا
ويشتم أعلام الأئمة ضلة ... ولا سيما إن أولجوه المضايقا
إلى أن قال-:
لئن لم تداركه من الله رحمة ... لسوف يُرَى للكافرين مرافقا
1 / 258