وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ ١
فيه قَصْرُ العبادة عليه -تعالى- بجميع أفرادها، وكذلك الاستعانة. وفي ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ ٢ أيضا توحيد الربوبية.
وهذه الأصول أيضا في: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ﴾ ٣ فهو ربهم ورازقهم، والمتصرف فيهم، والمدبر لهم: ﴿مَلِكِ النَّاسِ﴾ ٤ هو الذي له الملك كما في الحديث الوارد في الأذكار "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير" ٥.
وقوله: ﴿إِلَهِ النَّاسِ﴾ ٦ هو مَأْلُوهُهُمْ ومَعْبُودُهم، لا معبود لهم سواه، فأهل الإيمان خَصُّوهُ بالإلهية، وأهل الشرك جعلوا له شريكا يَأْلَهُونَهُ بالعبادة كالدعاء والاستعانة والاستغاثة والالتجاء والرغبة والتعلق عليه، ونحو ذلك.
وفي: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ﴾ ٧ براءة النبي ﷺ من الشرك والمشركين. ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ﴾ ٨ إلى قوله: ﴿لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ﴾ ٩ فهذا هو التوحيد العملي، وأساسه البراءة من الشرك والمشركين باطنا وظاهرا، وفي ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ ١٠ توحيد العلم والعمل.
﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ ١١ يعني هو الواحد الأحد الذي لا نظير له ولا وزير، ولا نِدَّ، ولا شبيه ولا عديل، ولا يطلق هذا اللفظ في الإثبات إلا على الله ﷿؛ لأنه الكامل في جميع صفاته وأفعاله. وقوله: ﴿اللَّهُ الصَّمَدُ﴾ ١٢ قال عكرمة عن ابن عباس: يعني الذي يَصْمُدُ الخلائقُ إليه في حوائجهم ومسائلهم.
(قلت): وفيه توحيد الربوبية وتوحيد الإلهية. وقال الأعمش عن شقيق أبي وائل: ﴿الصَّمَدُ﴾ السيد الذي قد انتهى سُؤْدُدُهُ، وقال الحسن أيضا: ﴿الصَّمَدُ﴾ الحي القيوم الذي لا زوال له، وقال الربيع بن أنس: هو الذي لم يلد ولم يولد، كأنه جعل ما بعده تفسيرا له، وقال سفيان عن منصور عن مجاهد: ﴿الصَّمَدُ﴾ المُصْمَتُ الذي لا جوف له، قال أبو القاسم الطبراني في كتاب السنة: وكُلُّ هذه صحيحةٌ، وهي صفات ربنا ﷿.
_________
١ سورة الفاتحة آية: ٥.
٢ سورة الفاتحة آية: ٥.
٣ سورة الناس آية: ١.
٤ سورة الناس آية: ٢.
٥ البخاري: الأذان (٨٤٤)، ومسلم: المساجد ومواضع الصلاة (٥٩٣)، والنسائي: السهو (١٣٤١،١٣٤٢،١٣٤٣)، وأبو داود: الصلاة (١٥٠٥)، وأحمد (٤/٢٤٧،٤/٢٥٠،٤/٢٥١)، والدارمي: الصلاة (١٣٤٩) .
٦ سورة الناس آية: ٣.
٧ سورة الكافرون آية: ١.
٨ سورة الكافرون آية:١، ٢.
٩ سورة الكافرون آية: ٦.
١٠ سورة الإخلاص آية: ١.
١١ سورة الإخلاص آية: ١.
١٢ سورة الإخلاص آية: ٢.
1 / 167