هو استراق واقتطاع من عرض كلام القرآن واحتذاء لبعض أمثلة نظومه، وكلا لن يبلغوا شأوه أو يصيبوا في شيء من ذلك حذوه.
وسبيل من عارض صاحبه في خطبة أو شعر أن ينشئ له كلاما جديدًا ويحدث له معنى بديعًا، فيجاريه في لفظه ويباريه في معناه ليوازن بين الكلامين فيحكم بالفلج لمن أبر منهما على صاحبه، وليس بأن يتحيف من أطراف كلام خصمه فينسف منه ثم يبدل كلمة مكان كلمة فيصل بعضه ببعض وصل ترقيع وتلفيق، ثم يزعم أن قد واقفه موقف المعارضين وإنما المعارضة على أحد وجوه:
منها أن يتبارى الرجلان في شعر أو خطبة أو محاورة فيأتي كل واحد منهما بأمر محدث من وصف ما تنازعاه، وبيان ما تباريا فيه يوازي بذلك صاحبه أو يزيد عليه فيفصل الحكم عند ذلك بينهما بما يوجبه النظر من التساوي والتفاضل، نحو ما تنازعه امرؤ القيس وعلقمة بن عبدة من وصف الفرس في قصيدتيهما المشهورتين، فافتتح امرؤ القيس قصيدته بقوله:
خليليَّ مرَّا بي على أمِّ جُنْدبِ
فلما صار إلى ذكر الفرس وسرعة ركضه قال:
فللزجر أُلهوبٌ وللسَّاق دِرةٌ ... وللسَّوطِ منه وقْعُ أهوجَ مُنْعِبِ
1 / 58