لنعلم أنك من الكاذبين. فتوعدني.
قلت: صدق عمرو. هل يخالج أحدًا شك في ضلالة من هذا سبيله، وسقوط من هذا برهانه ودليله؟! وأي بلاغة في هذا الكلام؟، وأي معنى تحته، وأي حكمة فيه حتى يتوهم أن فيه معارضة للقرآن، أو مباراة له على وجه من الوجوه؟. ولكن البائس أعلم بنفسه حين يقول: أرسلت في المحقرات، ولا يراد أحقر مما جاء به وأقل. ولعل بعض ما جاء به أبو الينبعي وأبو العَبْر، والطرميُّ وأضرابهم من السخافات أشف منه وأخف على السمع. وما أشبه الأمر في هذا بما حكي لنا عن أبي عمرو بن العلاء: حدثني محمد بن الحسين بن عاصم قال: حدثني محمد بن الصباح المازني قال: حدثني عبدالله بن الهيثم حدثنا الأصمعي قال: أنشد رجل أبا عمرو بن العلاء شعرا رديئًا فقال: هذا شبه شعر فلان:
حدارجا جدارجا ... سبعين فرخا دارجا
قال: وأنشد رجل آخر شعرًا رديئًا فهًّا فقال: هذا يشبه شعر بشار:
حبابة ربة البيت ... تصب الخل في الزيت
لها سبع دجاجات ... وديك حسن الصوت
وأما قول الآخر: الفيل ومالفيل وما أدراك مالفيل، وقول صاحب ألم تر إلى ربك كيف فعل بالحبلى ... فإن كل واحد من هذين الكلامين مع قصور آيه، وقصر معانيه خال من أوصاف المعارضات وشروطها؛ وإنما
1 / 57