كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقًا من المؤمنين لكارهون﴾ يريد أن كراهتهم لما فعلته في الغنائم ككراهتهم في الخروج معك وقد حمدوا عاقبته فليصبروا في هذا وليسلموا ويحمدوا عاقبته كذلك. وقيل معناه: أولئك هم المؤمنون حقًا كما أخرجك ربك من بيتك بالحق كقوله: ﴿فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون﴾. وقيل "كما" صفة لفعل مضمر وأن تأويله: افعل في الغنائم كم فعلت في الخروج إلى بدر وإن كره القوم ذلك. كقوله سبحانه: ﴿كما أرسلنا فيكم رسولًا منكم﴾ معناه: " كما أنعمنا عليكم بإرسال رسول فيكم من أنفسكم كذلك أتم نعمتي عليكم ".
وأما قوله سبحانه: ﴿كما أنزلنا على المقتسمين﴾ فإن فيه محذوفًا يدل ظاهر الكلام عليه؛ كأنه قال: أنا النذير المبين عقوبة أو عذابًا، كما أنزلنا، أي مثل ما أنزلنا على المقتسمين الذين جعلوا القرآن عضين. فإن قيل: أو ليس وإن توجه الكلام وصح على الوجه الذي ذكرتموه في معنى قوله سبحانه: ﴿كما أخرجك ربك من بيتك بالحق﴾ فقد دخله من الانتشار بتفرق أجزائه وتباعد ما بين فصوله ما أخرجه من حسن النظم الذي وصفتموه به؟ قبل: لا، وذلك لأنه لم يدخل بينه وبين أول ما يتصل به إنما قال: ﴿وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين﴾ ثم وصف هذا الإيمان وحقيقته إذ كان هذا القسم يقع على أمر ذي شعب وأجزاء، يلزم أدناه من ذلك ما يلزم أقصاه، فلو لم يستوفه بالصفة الجامعة له لم يبين المراد، ثم عطف
1 / 50