بطل فاتح ابراہیم
البطل الفاتح إبراهيم وفتحه الشام ١٨٣٢
اصناف
ففي 22 أكتوبر كتب محمد علي في ذلك إلى إبراهيم، فرد عليه إبراهيم في 3 نوفمبر يقول:
يجب علينا - حسب أوامرك - أن نتقهقر إلى الوراء بعد الاستيلاء على قونيه، فالشائع أن الصدر الأعظم يزحف علينا بقوة كبيرة، فإذا نحن تقهقرنا عزوا ذلك إلى الجبن والخوف وعلى عجزنا عن مقابلته، وفوق هذا كله فإن الصدر الأعظم يغنم الفرصة للزحف على قونيه، وقد يتجاوزها للحاق بنا مذيعا خبر تقهقرنا، ومن يدري ما يكون من وراء ذلك؛ فقد ينضم إليه الشعب، وقد تثور سوريا والأناضول علينا ويظل الغرض من تقهقرنا خفيا لا يفهم. وبناء على ما تقدم لا ينبغي لنا أن ندع الفرصة تفوتنا، فنحن نذهب إلى قونيه ونشتت العدو، وننتظر فيها وصول الصدر الأعظم لنقهره إذا أراد مهاجمتنا؛ لذلك أطلب منك يا والدي أن ترسل آلايين من المدد في الحال.
وسأطلب من خادم الفتوى فتواه في إعلان عزل السلطان.
فتلقى إبراهيم باشا من والده في 13 نوفمبر الأمر القاطع بألا يتجاوز قونيه؛ «لأن التقدم إلى ما وراء قونيه في الظروف الحاضرة لا تنظر إليه الدول بعين الرضا.» وفي 16 رد محمد علي على كتاب إبراهيم باشا الذي كان قد أرسله إليه في 3 نوفمبر، فأقره على رأيه، ولكنه يحرم عليه تجاوز قونيه لأنه لا يعرف - بوجه قاطع - رأي الدول. أما الفتوى بخلع السلطان، فقد قال محمد علي لإبراهيم إنها مناقضة لمصلحة مصر في الوقت الحاضر.
ثم سلم بعد ذلك باستصدار الفتوى على شرط أن تكون صادرة من بلاد السلطان لا من مصر، حتى يقال إن الشعب هو الذي أسقط سلطانه «ولا يعترض أحد علينا»، ولكن الحجة لم تقنع إبراهيم باشا؛ «لأن الأمة لا تملك المقدرة على العمل، فالواجب أن نعمل نحن ثم نطلب ثقتها.»
في 14 أكتوبر بدأت طلائع إبراهيم بالاتجاه إلى قونيه، فتقدمت فرقة من جيشه النظامي إلى نمرود، وأخرى من العربان إلى «تشفت خان»، فانسحب الترك بلا قتال إلى أركلي. وفي 15 أكتوبر دخلت قوة إبراهيم أركلي وظلت فيها إلى 20 نوفمبر ثم نهضت تريد قونيه، وقابلتها قوة أخرى من كرمانيا. وقبل الوصول إلى قونيه أخلاها الترك، فأرسل في أثرهم الفرسان، فغنموا الذخائر والمؤن وبعض المدافع. وبعد أن دخل قونيه أرسل قوة ومعها فرسان العرب، فأدركت القوة المصرية الجنود التركية في طريق آك شهر، فأخذوا بعض الأسرى وعادوا إلى قونيه التي أخذ إبراهيم في تحصينها.
وفي 18 ديسمبر ظهرت طلائع الجيش التركي غربي قونيه بقيادة رءوف باشا، فدار القتال بينه وبين إبراهيم باشا، ففرق جيش إبراهيم طلائع الترك، وغنم ثمانية مدافع، وأسر منهم ألفين. وتجدد القتال في اليوم التالي فأسر إبراهيم 750 مقاتلا ومعهم كريدلي محمد باشا أوغلو، وفي مساء ذلك اليوم تقدم 500 أرناءوطي متطوعين في خدمة جيش إبراهيم، وبعد ذلك تلقى إبراهيم باشا الأخبار بأن رشيد باشا الصدر الأعظم قادم بجيش كبير لقتاله، فاتخذ الأهبة لملاقاته.
وفي 20 ديسمبر تم النصر لإبراهيم باشا على جيش رءوف باشا، فلم يبق لذلك الجيش من أثر، وأرسل الخبر إلى والده، فأمر بإقامة الأفراح وإطلاق المدافع ثلاث مرات في النهار من جميع القلاع والطوابي مدة ثلاثة أيام. ولكن محمد علي ظل مترددا في الزحف إلى الأمام؛ ليعرف رأي إنكلترا، وكان يعتمد في ذلك على المستر بريجس صديقه، والمستر بريجس كان في الماضي قنصلا لدولته في الإسكندرية، ولم يكن محمد علي يثق بالقنصل المستر باركر ويعده خصما لمصر كقنصل روسيا قبل أن تستدعيه حكومته. وكان يستند في الأوامر التي يرسلها إلى ابنه إبراهيم بالارتداد عن الأناضول إلى آراء المستر بريجس. وكان محل بريجس في لندن يقدم لمحمد علي حاجاته من إنكلترا ويأخذ مقابل ذلك القطن والحاصلات. ولما كتب محمد علي إلى إبراهيم بألا يعلن سقوط السلطان كما كان قد اقترح عليه، وبأن يرتد إلى قونيه، استند أيضا إلى آراء المستر بريجس. وكان قد وصل إلى إبراهيم أن السلطان عين رشيد باشا صدرا أعظم، وولاه قيادة جيش كبير لقتاله، فكتب إلى والده في 8 رجب 1248 يقول:
يا والدي
إنك تصدر إلي الأمر المطاع بناء على تقرير المستر بريجس وغضب القومندان الروسي بألا أعلن سقوط السلطان وبأن أقف دون تجاوز قونيه!
نامعلوم صفحہ