براہین اسلامیہ
البراهين الإسلامية في رد الشبهة الفارسية
ناشر
مكتبة الهداية
ایڈیشن نمبر
الأولى ١٤١٠هـ
اشاعت کا سال
١٩٨٩م
اصناف
عقائد و مذاہب
فهذا التحريف إنما عرف عن اليهود، وأن ما جاء من الاستثناء في بعض الآيات كقوله: في آية الكرسي:
﴿وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ﴾ (١)، وقوله: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ﴾ (٢)، وكذلك إخباره ﷺ عن أشياء وقعت فيما مضى، إخباره عن أشياء تقع في أمته فهذا ونحوه أمر جزئي بالنسبة إلى ما اختص الله بعلمه كما مر في حديث موسى وقول الخضر له: ما نقص علمي وعلمك من علم الله إلا كما نقص هذا العصفور من البحر، وهذا بالنسبة إلى علم الله وإن كثر واتسع بالنسبة إلى علوم الخلق فإن ما يحصل لرسول الله من العلوم والمعارف لا نسبة بينه وبين علم الله الذي أحاط بكل شيء علما وأحصى كل شيء عددا، وهذا الجزئي لا يفيد أن من علمه فقد علم الغيب أو أنه ناسخ للنصوص العامة المطلقة: غاية ما هناك إثبات ما دل عليه استثناء في الآيات كبعض الأفراد الجزئية وهو لا يمنع العموم بل العام باق على عمومه (٣) كما لا يخفى على من له أدنى فهم، وبهذا تعلم
_________
=سعيد الخدري، عن نبي ﷺ قال: "لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم، قلنا يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: (فمن)؟
وأخرجه مسلم في العلم باب: اتباع سنن اليهود والنصارى رقم الحديث في مسلم ٢٦٦٩.
وغاية الأمر أن هذا الحديث موجود في الصحيحين بهذه الألفاظ التي ذكرناها وأما اللفظ الذي ساقه المصنف لا يوجد فيهما ولعله في الكتب الأخرى ولا يضر اختلاف اللفظ ما دام الأصل موجودا فيهما والله أعلم.
(١) سورة البقرة: من الآية ٢٥٥.
(٢) سورة الجن: رقم الآية ٢٧.
(٣) الأولى (بل العام باق على عمومه) لأن ذلك أصل قرره تعريف الأصوليين تقسيمهم العام حيث قسموه إلى ثلاثة أقسام عام مخصوص وعام أريد به الخصوص وعام باق على عمومه وقد عرفت سر ذلك من كلام المؤلف ﵀ فإن الاستثناء الذي جاء في نص الكتاب والسنة لا يخصص علم الغيب بغيره سبحانه حيث أن الجزئي الدقيق الذي يعلمه الله أنبياءه من علمه تعالى وهذا لا يخرج العام من عمومه كما قرر ذلك أهل التحقيق والثبت والله أعلم.
1 / 78