المطر، وذكر أبو الجوزاء عن ابن عباس (١) في قوله تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى﴾ (٢) قال كان اللات رجل يلت السويق للحجاج فعكفوا على قبره انتهى، ولم يقصد هؤلاء سوى الاستمداد بالموتى والصالحين، وطلب جاههم وشفاعتهم، ولولا ذلك لم تعبد وهذا مطلوب كل مشرك كما قال الفرابي وابن سينا وغيرهما من أكابر المشركين: إن الميت المقرب يفيض على روحه إفاضات فإذا علق الزائر قلبه وهمته به فاض على روح الزائرين من روح المزورين تلك الإفاضات كما ينعكس النور والشعاع من الجسم الصافي في المقابل، وهذا محض الشرك والكفر فإن تعليق القلب والهمة بغير الله والإقبال على سواه تعالى هو عين الشرك الأكبر الذي أنكره القرآن وكفر أهله وأباح دمائهم وأموالهم لأهل التوحيد والإيمان قال تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ﴾ (٣) وقال تعالى: ﴿وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ﴾ (٤) وقال عن شعيب:
﴿عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ﴾ (٥) والفرابي (٦) وابن سينا من عباد الكواكب ومن الدعاة إلى دين الصابئة المشركين الذين بعث فيهم إبراهيم الخليل كما يعرف ذلك من وقف على كلامه.
_________
(١) في الأصل: وذكر أبو الجوزي والصحيح ما أثبتناه وذلك أن البخاري ذكر هذا الأثر بسنده إلى ابن عباس في تفسير هذه الآية من سورة النجم ومن هنا يتبين أن ما في الأصل خطأ من الناسخ وإليك السند بتمامه، حدثنا مسلم بن إبراهيم: حدثنا أبو الأشهب حدثنا أبو الجوزاء عن ابن عباس ﵄ في قوله: (واللات والعزى) كان اللات رجلا يلت سويق الحاج مج ٤ ص ١٨٤١.
(٢) سور النجم: رقم الآية ١٩.
(٣) سورة البقرة: رقم الآية ١٦٥.
(٤) سورة الزمر: رقم الآية ٥٤.
(٥) سورة هود: رقم الآية ٨٨. .
(٦) الفرابي نسبة إلى فارب من بلاد الترك وكنيته أبو نصر محمد بن محمد بن طرخان=
1 / 68