الْمَوْتَى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ﴾ (١) .
وإذ لا سماع لهم فلا استمداد، وهكذا نقل المعترض ثم قال: وأجيب على أن الآيتين لا تدلان على نفي السماع من الأموات لأن مبناهما على التشبيه والتمثيل والمراد هنا الكفار حقيقة، ووجه الشبه عدم الانتفاع بالسماع، وعدم الإجابة، فكما أن الأموات لا ينتفعون بسماع ولا يجيبون كذلك الكفار لا ينتفعون بسماع الموعظة، ولا يجيبون للحق فيتبعونه فكأنهم أموات، قال صاحب معالم التنزيل (٢) في تفسيره قوله تعالى: ﴿إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى﴾ أي الكفار، وقال القاضي في تفسيره في سورة النمل: إنما شبهوا بالموتى لعدم انتفاعهم لما يتلى عليهم كما شبهوا بالصم في قوله تعالى: ﴿وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ﴾
فإن إسماعهم في هذا الحال أبعد.
ثم ساق حديث قتادة في سماع أهل القليب، وحديثا في سماع الميت كقرع النعال وحديث بريدة، وحديث ابن عباس في التسليم على الموتى.
وأطال الكلام بما لا طائل تحته، وكلامه يدل على عدم علم قائله وعدم شعوره بأدلة خصمه، فإن نفي الاستمداد من الموتى ودعائهم عليه من الأدلة ما لا يمكن حصره ولا استقصائه.
وعبارته التي ساقها في نفي انتفاع الموتى بالسماع، وبما يتلى عليهم
_________
(١) سورة النمل: رقم الآية ٨٠.
(٢) وصاحب معالم التنزيل هو أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد المعروف بالفراء البغوي الفقيه الشافعي المحدث المفسر الملقب بمحيي السنة وركن الدين تفقه البغوي على القاضي حسين، وسمع الحديث منه وكان تقيا ورعا زاهدا قانعا إذا ألقى الدرس لا يبقيه إلا على طهارة توفي ﵀ سنة عشر وخمسمائة من الهجرة النبوية وقد جاوز الثمانين ودفن عند شيخه القاضي حسين، كان البغوي إمام في التفسير والحديث والفقه وعده التاج السبكي من علماء الشافعية الأعلام فمن تصانيفه معالم التنزيل في التفسير وشرح السنة في الحديث والمصابيح في الحديث أيضا والجمع بين الصحيحين، والتهذيب وغير ذلك وبورك له في تصانيفه ورزق فيها القبول لحن نيته، أنظر طبقات المفسرين للسيوطي ص١٣ ووفيات الأعيان ج ١ ص ١٤٥-١٤٦ والطبقات الكبرى لابن السبكي ج ٤ ص ٢١٤-٢١٥.
1 / 65