عصری بلاغت اور عربی زبان
البلاغة العصرية واللغة العربية
اصناف
وسافر هذا المهندس المصري، وبقي نحو عام يدرس هذا النهر ثم ألف كتابا علميا عن الزراعة والري لوادي «إلبو»، ويمكن للمستطلعين أن يسألوا ابنه عن هذا الكتاب أو يبحثوا عنه في المكتبات ولكن بأي لغة ألف «إسماعيل سري» هذا الكتاب؟ باللغة الإنجليزية.
هنا رجل مصري على كفاءة علمية عظيمة تدعوه دولة أجنبية؛ كي تستشيره في تعمير بلادها، فيؤدي المهمة على الوجه الكامل ولكن ليس بلغة بلاده وإنما بلغة أجنبية، الكفاءة موجودة ولكن اللغة العربية بسبب هجائها الحاضر ليست كفئا للتعبير، وهذه حال رجال العلم جميعهم في مصر.
هذه هي حال المؤلفين المصريين الأطباء والزراعيين والبيولوجيين والجيولوجيين وغيرهم، فقد رأيت لهم مؤلفات غاية في الدقة العلمية مع الإحاطة والإيجاز أو البسط والتوضيح بالرسم وبالصورة، ولكنها كلها بالإنجليزية.
إننا لا ننكر قدر العلميين في مصر، ولكننا نشكو فقر اللغة بل ماذا أقول؟
لا ليست اللغة العربية فقيرة في التعبير وإنما حروفها هي التي تعجز برسمها الحاضر عن التعبير؛ ذلك أن حروف العلة فيها ثلاثة فقط في حين هي في اللغة الأوروبية ستة، ثم لأن حروفنا ليست لاتينية، فإن الكلمة العلمية يستغلق علينا فهمها حتى حين نكتبها كما هي غير مترجمة بالحروف العربية، ثم فوق ذلك جاء مجمع اللغة العربية فجعل الطين وحلا؛ بأن عارض التعريب وأصر على ترجمة الكلمات العلمية؛ أي اختراع كلمات عربية تؤدي معاني المكتشفات والمخترعات الأوروبية.
ومن هنا هذا العجز البالغ، العجز الخطر في التأليف العلمي في بلادنا.
نحن في نهضة كبيرة أو صغيرة في كل شيء إلا في العلم؛ لأن مجمع اللغة العربية يقاطع الكلمات العلمية، ويصر على الترجمة دون التعريب وأيضا يعارض في جعل الهجاء العربي بالحروف اللاتينية، إن قلبي يبكي لهذه الحال.
عندنا الرجال، عندنا الكفاءة، عندنا الحاجة إلى التأليف، ولكننا لا نعرف كيف نكتب سطرا واحدا من الطب وغير الطب باللغة العربية.
إن أبناءنا ينشئون غير علميين، وهذا المجتمع العلمي وهذه الأخلاق العلمية وهذا الطب العلمي وهذه الهندسة العلمية وهذه الزراعة العلمية كل هذا لن يتحقق؛ لأننا نعجز عن تأليف الكتب العلمية عنها بلغتنا كما هي بحروفها الحاضرة.
وخطر هذا واضح بارز بل فاضح.
نامعلوم صفحہ