وذكر الجبرتي أنه في يوم الأحد السادس والعشرين من محرم سنة 1222 | أشيع بالقاهرة خبر وصول رؤس القتلى ومن معهم من الأسرى إلى بولاق فهرع | الناس بالذهاب للفرجة ووصل الكثير منهم إلى ساحل بولاق وركب أيضا كبار | العسكر ومعهم طوائفهم لملاقاتهم وطلعوا بهم إلى البر ومعهم جماعة العسكر | المتسفرين ، فأتوا بهم من خارج مصر ودخلوا بهم من باب النصر وشقوا بهم من | وسط المدينة وفيهم ضابطان وهما راكبان على حمارين والباقي مشاة في وسط | العسكر روؤس القتلى معهم على نبابيت وقد تغيرت وأنتنت رائحتها وكانت | عدة الرؤس أربعة عشر والأحياء خمسة وعشرين ولم يزالوا سائرين بهم إلى بركة | الأزبكية ، وضربوا عند وصولهم شنكا وطلعوا بهم إلى القلعة وفي اليوم التالي | وصل أيضا إلى القاهرة عدة من الرؤس وثلاثة عشر أسيرا من الإنكليز وساروا | بهم إلى القلعة بمثل ما حصل بهم في اليوم الذي قبله .
ولما وصل إلى محمد علي باشا خبر وصول الإنكليز إلى الإسكندرية وكان | بالصعيد يحارب المماليك كتب إليهم بالصلح وأرسل إليهم المشايخ ، يحثونهم | على الإتفاق معه لمحاربة الإنكليز فلم يقبلوا الصلح بل قالوا : لو تحققنا الأمن | والصدق من مرسلكم لما حصل منا خلاف ولا حاربناه ولا قاتلناه ولكنه كثيرا | ما يعدنا بمثل هذه المواعيد عند الإحتياج إلينا ثم لا يفي بما وعد ، وحيث أنه قد | تهدمت دورنا وتفرق شملنا ولم يبق لنا ما نأسف عليه ونتحمل المذلة من أجله | وقد ماتت إخواننا ومماليكنا فنستمر على ما نحن عليه حتى نفنى عن آخرنا | ويستريح باله من جهتنا ، فلاطفهم المشايخ وأقنعوا بالصلح وقالوا لهم أنه أولى | من تداخل الأجانب بينكم فقبل الكل وساروا إلى القاهرة .
صفحہ 45