ألا حبذا السوسن الأزرق ... ويا حبذا حسنه المونق
حكى لونه لون فيروزج ... جرى وسطه ذهب مشرق
وللفقيه أبي الحسن بن علي فيه أبدع اختراع وأغرب تشبيه وهو: [الخفيف]
لا حلي خرم الصحارى فراق ال ... عين تدبيجه العجيب وورده
جاء كالزائر الموافي لوعده ... بعد أن طال بالأحبة عهده
أطلعت حلتاه وشيا وتبرا ... زان ذا رقمه وذا لا زورده
أي نصل يفري الحوادث لودا ... م لجانبيه ماؤه وفرنده
وله أيضا فيه قطعة موصولة بمدح أبي_وقاه الله بي_وهي: [الخفيف]
بز ثوب البهاء واللألاء ... زهر الروض خرم الصحراء
عاف ثوب البياض لون أخيه ... وتردى بحلة زرقاء
لتراه العيون في حلة يحك ... كي سنا نورها أديم السماء
لو حواها الطاووس أصبح لا شك ... كك منها بملك طير الهواء
عزة في طباعه وعلو ... قد أناف به على العلياء
كجيب بن عامر فهو فذ ... في اقتناء العلا وكسب الثناء
ومن التشبيه السني فيه والوصف السري له قول صاحب الشرطة أبي بكر بن القوطية وهو: [البسيط]
ومغرب اللون في مسلاخ طاووس ... فيروزجي بصنع الله مغروس
كأنما اختلست قطعة غلائله ... من الغمائم أو فضل الحناديس
شخت المآزر لاذي الظهائر قد ... أتاك يرفل في ثوب له سوسي
كأنه كسف أفق ماله حبك ... أو لازورد أو اذناب الطواويس
كأنم رشح سقيط الطل أوسطه ... نضح يمد على آثار تدنيس
لا زال في مجلسي آنا بهيئته ... ولا توخى اسمه شملي ولا كيسي
إنما عمى في البيت الآخر الخرم اسمه، دعا ألا يتوخى الخرم شمله ولا كيسه. قال أبو الوليد: ولي فيه تشبيه طابقه وهو: [مجزوء الرجز]
وخرم حلو الحلى ... يبدو لعيني من لمح
تلونا ومنظرا ... كأنه قوس قزح
قال أبو الوليد: لم يقع إلي في السوسنين غير ما أوردته. ومن النواوير المشاهير التي كثر القول فيها والوصف لها نور النيلوفر، وأنا مودع بابه ما حصل عندي فيه من المستندر.
النيلوفر
من السابق في ميدان التفضيل الفائق عند أهل التحصيل قول ذي الوزارتين القاضي الجليل أمله علي وهو: [البسيط]
يا حسن بهجة ذا النيلوفر الأرج ... وطيب مخبره في الفوح والأرج
كأنه جام در في تألفه ... قد أحكموا وسطه فصا من السبج
وله_أعزه الله وأذل عداه_يصفه بوصفين غريبين، ويشبهه بتشبيهين، عجيبين في قطعة واحدة وهي: [مجزوء الرجز]
كأنما النيلوفر ال ... مستحسن الغض البهج
مقلة خود ملئت ملئت ... سحرا وغنجا ودعج
أو خاتم من فضة ... وفصه من السبج
شبه في البيت الثاني بالعين في السواد الذي بين بياضه وهو أولى بهذا التشبيه، وأحق أن يصاغ فيه من كل ما شبه بالعين من البهار وغيره الذي لا سواد فيه يؤيد حقيقة تشبيهه، وينصر صحة تمثيله. ومثل هذا التشبيه المعدوم الشبيه، والتمثيل المنقطع المثيل، لو وقع لمشتغل بصناعة الشعر، عاكف على صناعة النظم، مجهد نفسه فيها، معان لمعانيها لاستغرب غاية الاستغراب، واستعجب نهاية الاستعجاب، فكيف ترى فضله وتعاين نبله، وهو لا يعاني هذا ولا يتفرغ له، وإما هو عفو سجيته، وفيض بديهته_صان الله لنا حذقه كما أوجب علينا حقه_. وقال أبو عمر يوسف بن هارون الرمادي يصفه فأبدع بدعا في قطعة جمعت الجزالة والرقة معا وهي: [المنسرح]
إذا سقى الله روضة مطرا ... فخص بالسقي كل نيلوفر
تستر أوراقه زمرده ... ليلا وعند النهار لا تستر
خافت عليه اللصوص فاشتملت ... عليه ليلا من خوف أن يظهر
إذا الزنابير من مغالقه ... ام تتحفظ فبينها تقبر
كأن أجفانه جفون الذي ... أهواه لا تستطيع أن تسهر
كأنها كؤوس فضة فرشت ... قيعانها بالزمرد الأخضر
تنعم في حسنه ونكهته ... فأنت في منظر [وفي] مخبر
1 / 39