أين الشعراء؟ أين الأدباء؟ إني والله ...
أودهم ودا إذا خامر الحشا
أضاء على الأضلاع والليل دامس
ولكن ما العمل؟ والدهر عابس والوقت عصيب، ويكاد المرء ينسى أباه إن خذله ويهجر أخاه إن خلاه، فهل بقي في قوس الصبر منزع، أو عادت للرجاء بقية، وهذا البلاء يتطاير من كل جانب والأمل ينهار في كل واد؟!
يا صديقي إن شموخ الأهرام وجلال النيل وجمال مصر، وما إلى ذلك من المعاني التي أوحت إليك وإلى إخوانك الشعر؛ تتطلع إليكم بعين كلها أمل وقلب ملؤه الرجاء، فهل فيكم اليوم من مستعد أو هل لديكم من معين؟
وا حر قلباه!
8
عاتبنا الأستاذ زكي مبارك على نبوة كانت منه إلى الشعراء، وهنات اعتمدهم بها في مقاله «دواعي الشعر»، وأخذناه بأن ينزل على حكم الحق من بذل المعذرة، وإعطاء النصف من نفسه، فأعتبنا في الأفكار بكلمة جافية حديدة كأنها الكأس الأولى، لولا ما يلطفها به من مزاج التودد والازدلاف إلى ناحية من المرضاة، فسامحنا فيما أوحش منها لما آنس، واغتفرنا ما أحفظ لما أرضى، فكانت كأسا شربناها على قذاتها، وعتبى صديق تقبلناها على علاتها، فلم نكد نقول: آها منه، حتى قلنا: واها له!
ومن لك يوما بأخيك كله؟
لاذ الأستاذ منا بالوطن، فذكر بحقوقه، وأرى من نفسه - بحق - أن غضبته للوطن كانت، ومحاماته ونضحه إنما كانا حمية له، وأنه زرى على الشعراء لتفريطهم في جانبه، ونومهم عنه فيما يقول: مهلا قليلا أيها المذكر بالوطن وحقه، فما ذكرت ناسيا، ولا نبهت غافلا، إن بنا من الوجد على ذلك الوطن والحدب عليه، مثل ما بك غلة تحرق، وجوى يؤرق.
نامعلوم صفحہ