میری زندگی کے صفحات (پہلا حصہ)
أوراقي … حياتي (الجزء الأول)
اصناف
الراديو لا يكف عن أغاني الحب، أم كلثوم تغني ليل نهار: «مدام تحب بتنكر ليه، ده اللي يحب يبان في عينيه.» عبد الوهاب لا يكف عن نداء الحبيبة: «يا نوال، فين عيونك؟» فريد الأطرش ينوح بالليل والنهار على حبيبته، أسمهان بصوتها المبحوح تتغنى بالحبيب الغائب، ليلى مراد تردد: «يا حبيبي تعالى الحقني شوف اللي جرى لي.» فوق الجدران في الشوارع إعلانات عن فيلم: «يحيا الحب»، «دموع الحب»، «غرام وانتقام»، صور النساء نصف العاريات يعانقن الرجال.
أمي تغني مع أم كلثوم: «مدام تحب بتنكر ليه، ده اللي يحب يبان في عينيه.» طنط نعمات تغني للحب مع الراديو، خالتي فهيمة (الأستاذة فهيمة شكري)، أبي يسميها «خفير الدرك»، تدب بكعب حذائها الحديدي وتدندن لنفسها بصوت خافت: «مدام تحب بتنكر ليه.» ستي الحاجة وهي متكورة فوق سجادة الصلاة بجوار الراديو تغني مع أم كلثوم، يرتفع جلبابها وهي تربع ساقيها فألمح بطنها، قطعة من الجلد المتهدل تعلوه الكراميش، هل كان أبي بجسمه الضخم داخل هذا البطن الضامر؟ أمي تلد الأطفال من فتحة بين فخذيها، ستي الحاجة هل لديها هذه الفتحة؟ أم أصبحت مسدودة بالكراميش؟! «مدام تحب بتنكر ليه، ده اللي يحب يبان في عينيه.»
هذا هو صوت ستي الحاجة تغني مع الراديو بعد أن أدت الصلاة، وجهها الأسمر المكرمش ناحية النافذة، عيناها ممدودتان نحو الأفق في شرود، هناك ذكرى ما في ماضيها البعيد ، أهي ذكرى الحب؟
سألتها هل عرفت «الحب» في حياتها؟ رمقتني بعينيها الضيقتين الغائرتين، ابتسمت وامتلأت عيناها بالبريق: «طبعا حبيت يا بنت ابني، حبيت ربنا سبحانه وتعالى، وحبيت سيدنا محمد ألف صلاة عليه، وحبيت الإمام الشافعي والسيدة زينب، والسيد البدوي، وحبيت ابني السيد ربنا يحميه، وحبيت بناتي الخمس، أغلاهن هي زينب، أغلى الكل هو أبوكي ربنا يخليه ويطول عمره.» - قصدي الحب التاني يا ستي الحاجة. - الحب التاني إنهوه يا بنت ابني؟ - اللي أم كلثوم بتغني له. - ده كلام راديو يا بنت ابني، واحنا في الكفر لا عندنا راديو ولا عندنا حاجة اسمها حب من اللي بالك فيه، البنت في الكفر أول ما تبلغ ياللا هوب يجوزوها على طول، الشهر الجاي فرح زينب بنت عمتك بهية، انتي وهي مولودين في وقت واحد، ولازم عريسك جاي في السكة بإذن الله ونفرح بيكي في العيد (صوتها يرن في أذني: ونضحي بيكي في العيد). •••
الحب الأول هو أول الأسرار في حياتي، لم يعرفه أحد من الإنس أو لا الجن، في القرآن آية تؤكد وجود الجان، لم يكن لي أن أنكر وجود هذه الأرواح الخفية، أخشى أن تلمسني روح منها وأنا واقفة في الفرندة، أرمقه من بعيد وهو واقف وراء الحامل الخشبي، لم يكن لي أن أنطق حروف اسمه وأنا نائمة في الليل، هذه الأرواح يمكن أن تسمع أي شيء.
لا أذكر من شكله إلا بريق العينين، لم أعرف ما لون عينيه، أسود أو أزرق أو أخضر بلون البرسيم، لونهما يتغير مع حركة الشمس، مع تغير الألوان في السماء، قميصه الأبيض الواسع يمتلئ بالهواء يشبه الروح المحلقة فوق الزرع، بلا جسد، بلا بطن أو فخذين، أو أعضاء، خاصة «العضو» الذي يندفع منه البول في جسد أخي، لم أتخيل أنه يبول مثل أخي أو الآخرين من البشر، وأن له فتحة شرج تخرج منها فضلات الطعام أو الغازات.
كنت أنجح في المدرسة بامتياز، المدرسات والمدرسون يقولون إنني شديدة الذكاء، ذكائي كله كان يتبخر حين أراه، صوتي أيضا يضيع ، أفقد القدرة على النطق. «أهلا نوال.»
الكلمتان ينطقهما حين يراني، كلمتان عاديتان أسمعهما من الناس حولي، «أهلا» كلمة ترحيب مألوفة، ترن في أذني بصوته خارقة للعادة، غامضة، محملة بأسرار الكون. «نوال» اسمي المألوف يصبح غير مألوف، اسما جديدا تولد به فتاة أخرى، «سندريلا» تركب حصانا يطير بها في الجو مثل الحمامة.
أهو خيال الطفولة الجامح؟ أم الأغاني والروايات الوهمية عن الحب؟ أو الحب الحقيقي يحدث في سن العاشرة من العمر؟
قلبي لم يخفق بالقوة التي خفق بها وأنا طفلة في العاشرة من العمر، أصحو قبل الفجر على صوت بكاء مكتوم، لا أعرف من يبكي، صوت أنفاسي العميقة تشبه النشيج، أيكون هذا الصوت كافيا لأصحو من النوم؟ أم أنه حلم أيقظني؟ أتكور في الفراش تحت الأغطية، أفكر ماذا كنت أحلم، أحاول أن أتذكر، أستجمع عقلي وخلايا جسدي، الحلم يتسرب مني، قطرات تتسرب من ثقوب المصفاة أو سراب يتلاشى عند الاقتراب. •••
نامعلوم صفحہ