میری زندگی کے صفحات (پہلا حصہ)
أوراقي … حياتي (الجزء الأول)
اصناف
صوتها يعود إلي وأنا أتصور أن العريس هو الذي تصنعه أمي من فضلات الخياطة وتحشو بطنه بالقطن أو الخرق الممزقة، وتصنع له جاكتة سوداء مثل التي يرتديها أبي أو جدي، وسرواله أسود طويل تربطه أمي حول وسطه بشريط رفيع من التفتاه، وطربوش أحمر تغطي به رأسه تصنعه بقطعة من الصوف، ثم تثبت له عينان من الخرز الأسود.
كانت أختي الصغرى «ليلى» تلعب معي بالعرائس، تمسك العروسة والعريس وتلقي بهما من النافذة إلى الشارع، وتصنع أمي لنا عرائس جديدة ... أتربع فوق السجادة على الأرض ... من حولي العرائس أحكي لأختي الحكايات، لا أذكر ما هي الحكايات، لكني أذكر أن أختي ليلى كانت تبكي بالدموع حين تموت العروسة بعد أن يضربها العريس، تغطي العروسة بالملاءة كأنما ماتت، ونمسك العريس لنعاقبه نخلع عنه الطربوش والجاكتة والسروال الأسود الطويل، لم يكن خلع السروال سهلا مثل الطربوش أو الجاكتة، فأمسك المقص وأشق السروال من الوسط حتى القدمين، كنت أظن أنني سوف أرى قطعة اللحم بين الفخذين مثل تلك التي عند أخي، والتي تسميها طنط نعمات: «العصفورة» بطرف المقص، كنت أبحث أنا وأختي عن ذلك الشيء الذي يجعل الزغاريد تنطلق من الحلوق، لم يكن هناك شيء بين الفخذين، وتقول أختي ليلى: لازم هو مخبي العصفورة في بطنه.
وأمسك المقص وأفتح بطن العريس، فلا أجد إلا خرقا من القماش أو القطن، وأرى أختى ليلة تبكي على موت العريس فتغطيه بالملاءة، فيرقد بجوار العروسة، تمسك أختي ليلى العروسة وتهزها كأنما توقظها من النوم أو الموت، وتهمس في أذنها: اصحي يا عروسة اصحي، خلاص العريس مات، وربنا هيبعت لك عريس تاني أحسن منه.
كانت أمي تغضب علينا حين ترى بطون العرائس مفتوحة، تخبئ المقص في مكان مجهول، نفتش عنه في كل مكان دون جدوى، نعثر في درج الدولاب بالمطبخ على السكين، صغير حاد، تقطع أمي به الجبن، له نصل لامع مثل المقص أو شفرة الموسي.
لم تكن الأطفال البنات من عائلة شكري بيه يفتحن بطون العرائس، تضع الواحدة منهن العروسة فوق صدرها تهدهدها كالأم، تضعها في السرير وتغطيها، تغني لها حتى تنام، وحين تصحو ترضعها من ثدي لم ينبت بعد.
لم أكن أحب اللعب مع الأطفال البنات من عائلة أمي، كنت أحب الأطفال من عائلة أبي، ونركب الحمير ونذهب إلى الحقل، نجري بين الزرع الأخضر، نتسابق مع الفراشات، نخلع ملابسنا ونسبح في الترعة أو النيل، نعجن الطين ونصنع منه بيوتا وأشجارا وأجساما لها شكل الحيوانات أو الطيور.
منذ ولدت والقرية أقرب إلي من المدينة، اسمها القاهرة، أهل قريتي يسمونها «مصر»، القرية كفر طحلة يختصرونها في كلمة واحدة «الكفر»، تقع على النيل، يسمونه البحر، فوق الخريطة اسمه فرع رشيد، يلتقي الفرعان رشيد ودمياط ليكونا نهر النيل، لم يكن لها وجود على الخريطة، لكنها موجودة وحقيقة أكثر من المدينة.
رأيت القاهرة لأول مرة وأنا طفلة صغيرة، لا أذكر كم كان عمري، رأيتها مدينة غريبة الشكل، ضخمة الحجم، كأنما هي كائن خرافي يخرج من بدن النيل، كل شيء في المدينة كان يبدو عتيقا، كأنما هو موجود قبل وجودها، قبل وجود أبي الهول أو هرم خوفو، والبيوت كلها مصنوعة من الحجر، يشبه الحجر الذي صنع منه الهرم، حجر كبير مربع، وأسوار البيوت أيضا من الحجر، لم أتصور وأنا طفلة أن وراء هذه الجدران الحجرية يمكن أن يعيش الأطفال.
في خيالي كنت أقارنها بقريتي، لم تكن السماء التي تظلل المدينة هي سماء القرية، الشمس كانت مختلفة والقمر والنجوم، تصورت أنها سماء أخرى وشمس أخرى وقمر آخر ونجوم أخرى.
بيت جدي شكري بيه كان كبيرا من الحجر الأبيض، يحوطه سور عال من الحجر، وحديقة واسعة بها كلب يشبه الذئب، متوحش يكاد يعضني، وليس مثل الكلاب الأليفة في القرية، كنت أطبق بأصابعي الخمس على يد أمي، أخشى أن تفلت يدها من يدي، وحين أمشي في الشارع أتلفت حولي كأنما أمشي فوق مدينة مسحورة، نهاية كل شارع تلتقي ببداية الشارع الآخر، وكلها متشابهة، مقسمة إلى أجزاء منتظمة كبيرة تبدو أكبر من مجموع أجزائها، مصنوعة من الأسفلت والحجر والحديد.
نامعلوم صفحہ