54

عون المعبود

عون المعبود شرح سنن أبي داود

ناشر

دار الكتب العلمية

ایڈیشن نمبر

الثانية

اشاعت کا سال

1415 ہجری

پبلشر کا مقام

بيروت

التسليم) قال بن مَالِكٍ إِضَافَةُ التَّحْرِيمِ وَالتَّحْلِيلِ إِلَى الصَّلَاةِ لِمُلَابَسَةٍ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ التَّكْبِيرَ يُحَرِّمُ مَا كَانَ حَلَالًا فِي خَارِجِهَا وَالتَّسْلِيمُ يُحَلِّلُ مَا كَانَ حَرَامًا فِيهَا وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ سُمِّيَ الدُّخُولُ فِي ــ [حاشية ابن القيم، تهذيب السنن] وَفِي الْحَدِيث دَلِيل عَلَى اِعْتِبَار النِّيَّة فِي الطهارة بوجه بديع وذلك لأنه جَعَلَ الطَّهُور مِفْتَاح الصَّلَاة الَّتِي لَا تُفْتَتَح وَيُدْخَل فِيهَا إِلَّا بِهِ وَمَا كَانَ مِفْتَاحًا لِلشَّيْءِ كَانَ قَدْ وُضِعَ لِأَجْلِهِ وَأُعِدَّ لَهُ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ كَوْنه مِفْتَاحًا لِلصَّلَاةِ هُوَ جِهَة كَوْنه طَهُورًا فَإِنَّهُ إِنَّمَا شُرِعَ لِلصَّلَاةِ وَجُعِلَ مِفْتَاحًا لَهَا وَمِنْ الْمَعْلُوم أَنَّ مَا شُرِعَ لِلشَّيْءِ وَوُضِعَ لِأَجْلِهِ لَا بُدّ أَنْ يَكُون الْآتِي بِهِ قَاصِدًا مَا جُعِلَ مِفْتَاحًا لَهُ وَمَدْخَلًا إِلَيْهِ هَذَا هُوَ الْمَعْرُوف حِسًّا كَمَا هُوَ ثَابِت شَرْعًا وَمِنْ الْمَعْلُوم أَنَّ مَنْ سَقَطَ فِي مَاء وَهُوَ لَا يُرِيد التَّطَهُّر لَمْ يَأْتِ بِمَا هُوَ مِفْتَاح الصَّلَاة فَلَا تُفْتَح لَهُ الصَّلَاة وَصَارَ هَذَا كَمَنْ حَكَى عَنْ غَيْره أَنَّهُ قَالَ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَهُوَ غَيْر قَاصِد لِقَوْلِهَا فَإِنَّهَا لَا تَكُون مِفْتَاحًا لِلْجَنَّةِ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدهَا وَهَكَذَا هَذَا لَمَّا لَمْ يَقْصِد الطَّهُور لَمْ يَحْصُل لَهُ مِفْتَاح الصَّلَاة وَنَظِير ذَلِكَ الْإِحْرَام هُوَ مِفْتَاح عِبَادَة الْحَجّ وَلَا يَحْصُل لَهُ إِلَّا بِالنِّيَّةِ فَلَوْ اِتَّفَقَ تَجَرُّده لِحَرٍّ أَوْ غَيْره وَلَمْ يَخْطِر بِبَالِهِ الْإِحْرَام لَمْ يَكُنْ مُحْرِمًا بِالِاتِّفَاقِ فَهَكَذَا هَذَا يَجِب أَنْ لَا يَكُون مُتَطَهِّرًا وَهَذَا بِحَمْدِ اللَّه بَيِّنٌ فَصْلٌ الْحُكْم الثَّانِي قَوْله وَتَحْرِيمهَا التَّكْبِير وَفِي هَذَا مِنْ حَصْر التَّحْرِيم فِي التَّكْبِير نَظِير مَا تَقَدَّمَ فِي حَصْر مِفْتَاح الصَّلَاة فِي الطَّهُور مِنْ الْوَجْهَيْنِ وَهُوَ دَلِيل بَيِّن أَنَّهُ لَا تَحْرِيم لَهَا إِلَّا التَّكْبِير وَهَذَا قَوْل الْجُمْهُور وَعَامَّة أَهْل الْعِلْم قَدِيمًا وَحَدِيثًا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَنْعَقِد بِكُلِّ لَفْظ يَدُلّ عَلَى التَّعْظِيم فَاحْتَجَّ الْجُمْهُور عَلَيْهِ بِهَذَا الْحَدِيث ثُمَّ اِخْتَلَفُوا فَقَالَ أَحْمَدُ وَمَالِكٌ وَأَكْثَر السَّلَف يَتَعَيَّن لَفْظ اللَّه أَكْبَر وَحْدهَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَتَعَيَّن أحد اللفظين الله أكبر والله الْأَكْبَر وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَتَعَيَّنُ التَّكْبِير وَمَا تَصَرَّفَ مِنْهُ نَحْو اللَّه الْكَبِير وَنَحْوه وَحُجَّته أَنَّهُ يُسَمَّى تَكْبِيرًا حَقِيقَة فَيَدْخُل فِي قَوْله تَحْرِيمهَا التَّكْبِير وَحُجَّة الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْمُعَرَّف فِي مَعْنَى الْمُنَكَّر فَاللَّام لَمْ تُخْرِجهُ عَنْ مَوْضُوعه بَلْ هِيَ زِيَادَة فِي اللَّفْظ غَيْر مُخِلَّة بِالْمَعْنَى بِخِلَافِ اللَّه الْكَبِير وَكَبَّرْت اللَّه وَنَحْوه فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ مِنْ التَّعْظِيم وَالتَّفْضِيل وَالِاخْتِصَاص مَا فِي لَفْظه اللَّه أَكْبَر وَالصَّحِيح قَوْل الْأَكْثَرِينَ وَأَنَّهُ يَتَعَيَّن اللَّه أَكْبَر لِخَمْسِ حُجَج إِحْدَاهَا قَوْله تَحْرِيمهَا التَّكْبِير وَاللَّام هُنَا لِلْعَهْدِ فَهِيَ كَاللَّامِ فِي قَوْله مِفْتَاح الصَّلَاة الطَّهُور وَلَيْسَ الْمُرَاد بِهِ كُلّ طَهُور بَلْ الطَّهُور الذي واظب عليه رسول الله وَشَرَعَهُ لِأُمَّتِهِ وَكَانَ فِعْله لَهُ تَعْلِيمًا وَبَيَانًا لِمُرَادِ اللَّه مِنْ كَلَامه وَهَكَذَا التَّكْبِير هُنَا هُوَ التَّكْبِير الْمَعْهُود الَّذِي نَقَلَتْهُ الْأُمَّة نَقْلًا ضروريا خلفا عن سلف عن نبيها أَنَّهُ كَانَ يَقُولهُ فِي كُلّ صَلَاة لَا يَقُول غَيْره وَلَا مَرَّة وَاحِدَة فَهَذَا هُوَ الْمُرَاد بِلَا شَكٍّ فِي قَوْله تَحْرِيمهَا التَّكْبِير وَهَذَا حُجَّة عَلَى مَنْ جَوَّزَ اللَّه الْأَكْبَر والله الكبير فإنه وإن سمي تكبيرا لكنه لَيْسَ التَّكْبِير الْمَعْهُود الْمُرَاد بِالْحَدِيثِ

1 / 62