53

عون المعبود

عون المعبود شرح سنن أبي داود

ناشر

دار الكتب العلمية

ایڈیشن نمبر

الثانية

اشاعت کا سال

1415 ہجری

پبلشر کا مقام

بيروت

وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى خِلَافِهِ وَلَوْ صَلَّى مُحْدِثًا مُتَعَمِّدًا بِلَا عُذْرٍ أَثِمَ وَلَا يَكْفُرُ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الْجَمَاهِيرِ
وَحُكِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ يَكْفُرُ لِتَلَاعُبِهِ
انْتَهَى (وَتَحْرِيمُهَا التكبير وتحليلها
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
لَكِنْ هُنَا نَظَر آخَر وَهُوَ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يُمْكِن اِعْتِبَار الطَّهُور عِنْد تَعَذُّره فَإِنَّهُ يَسْقُط وُجُوبه فَمِنْ أَيْنَ لَكُمْ أَنَّ الصَّلَاة تُشْرَع بِدُونِهِ فِي هَذِهِ الْحَال وَهَذَا حَرْف الْمَسْأَلَة وَهَلَّا قُلْتُمْ إِنَّ الصَّلَاة بِدُونِهِ كَالصَّلَاةِ مَعَ الْحَيْض غَيْر مَشْرُوعَة لَمَّا كَانَ الطَّهُور غَيْر مَقْدُور لِلْمَرْأَةِ فَلَمَّا صَارَ مَقْدُورًا لَهَا شُرِعَتْ لَهَا الصَّلَاة وَتَرَتَّبَتْ فِي ذِمَّتهَا فَمَا الْفَرْق بَيْن الْعَاجِز عَنْ الطَّهُور شَرْعًا وَالْعَاجِز عَنْهُ حِسًّا فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا غَيْر مُتَمَكِّن مِنْ الطَّهُور
قِيلَ هَذَا سُؤَال يَحْتَاج إِلَى جَوَاب
وَجَوَابه أَنْ يُقَال زَمَن الْحَيْض جَعَلَهُ الشَّارِع مُنَافِيًا لِشَرْعِيَّةِ الْعِبَادَات مِنْ الصَّلَاة وَالصَّوْم وَالِاعْتِكَاف
فَلَيْسَ وَقْتًا لِعِبَادَةِ الْحَائِض فَلَا يَتَرَتَّب عَلَيْهَا فِيهِ شَيْء
وَأَمَّا الْعَاجِز فَالْوَقْت فِي حَقّه قَابِل لِتَرَتُّبِ الْعِبَادَة الْمَقْدُورَة فِي ذِمَّته فَالْوَقْت فِي حَقّه غَيْر مُنَافٍ لِشَرْعِيَّةِ الْعِبَادَة بِحَسَبِ قُدْرَته بِخِلَافِ الْحَائِض فَالْعَاجِز مُلْحَق بِالْمَرِيضِ الْمَعْذُور الَّذِي يُؤْمَر بِمَا يَقْدِر عَلَيْهِ وَيَسْقُط عَنْهُ مَا يَعْجِز عَنْهُ وَالْحَائِض مُلْحَقَة بِمَنْ هُوَ مِنْ غَيْر أَهْل التَّكْلِيف فَافْتَرَقَا
وَنُكْتَة الْفَرْق أَنَّ زَمَن الْحَيْض لَيْسَ بِزَمَنِ تَكْلِيف بِالنِّسْبَةِ إِلَى الصَّلَاة بِخِلَافِ الْعَاجِز فَإِنَّهُ مُكَلَّف بِحَسَبِ الِاسْتِطَاعَة وَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيح مُسْلِم أن النبي بَعَثَ أُنَاسًا لِطَلَبِ قِلَادَة أَضَاعَتْهَا عَائِشَةُ فَحَضَرَتْ الصلاة فصلوا بغير وضوء فأتوا النبي فَذَكَرُوا ذَلِكَ لَهُ فَنَزَلَتْ آيَة التَّيَمُّم
فَلَمْ ينكر النبي عَلَيْهِمْ وَلَمْ يَأْمُرهُمْ بِالْإِعَادَةِ وَحَالَة عَدَمِ التُّرَاب كَحَالَةِ عَدَم مَشْرُوعِيَّته وَلَا فَرْق فَإِنَّهُمْ صَلَّوْا بِغَيْرِ تَيَمُّم لِعَدَمِ مَشْرُوعِيَّة التَّيَمُّم حِينَئِذٍ
فَهَكَذَا مَنْ صَلَّى بِغَيْرِ تَيَمُّم لِعَدَمِ مَا يَتَيَمَّم بِهِ فَأَيّ فَرْق بَيْن عَدَمه فِي نَفْسه وَعَدَم مَشْرُوعِيَّته
فَمُقْتَضَى الْقِيَاس وَالسُّنَّة أَنَّ الْعَادِم يُصَلِّي عَلَى حَسَب حَاله فَإِنَّ اللَّه لَا يُكَلِّف نَفْسًا إِلَّا وُسْعهَا وَيُعِيد لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا أَمَرَ بِهِ فَلَمْ يَجِب عَلَيْهِ الْإِعَادَة كَمَنْ تَرَكَ الْقِيَام وَالِاسْتِقْبَال وَالسُّتْرَة وَالْقِرَاءَة لِعَجْزِهِ عَنْ ذَلِكَ فَهَذَا مُوجَب النَّصّ وَالْقِيَاس
فَإِنْ قِيلَ الْقِيَام لَهُ بَدَل وَهُوَ الْقُعُود فَقَامَ بَدَله مَقَامه كَالتُّرَابِ عِنْد عَدَم الْمَاء وَالْعَادِم هُنَا صَلَّى بِغَيْرِ أَصْل وَلَا بَدَل
قِيلَ هَذَا هُوَ مَأْخَذ الْمَانِعِينَ مِنْ الصَّلَاة وَالْمُوجِبِينَ لِلْإِعَادَةِ وَلَكِنَّهُ مُنْتَقِض بِالْعَاجِزِ عَنْ السُّتْرَة
فَإِنَّهُ يُصَلِّي مِنْ غَيْر اِعْتِبَار بَدَل وَكَذَلِكَ الْعَاجِز عَنْ الِاسْتِقْبَال وَكَذَلِكَ الْعَاجِز عَنْ الْقِرَاءَة وَالذِّكْر
وَأَيْضًا فَالْعَجْز عَنْ الْبَدَل فِي الشَّرْع كَالْعَجْزِ عَنْ الْمُبْدَل مِنْهُ سَوَاء
هَذِهِ قَاعِدَة الشَّرِيعَة
وَإِذَا كَانَ عَجْزه عَنْ الْمُبْدَل لَا يَمْنَعهُ مِنْ الصَّلَاة فَكَذَلِكَ عَجْزه عَنْ الْبَدَل وَسَتَأْتِي الْمَسْأَلَة مُسْتَوْفَاة فِي بَاب التَّيَمُّم إِنْ شَاءَ الله

1 / 61