12
بمباشرة الجناب العالي الأمير تاني بك الخازندار وناظر الحسبة الشريفة وما معها، وأن تكون القبة المعظمة المأمور بعملها إن شاء الله تعالى مناظرة في الحسن والإتقان لما سبق، كما رتبها بنظره الشريف ليكون فيها ما خصها الله تعالى به من تعظيمها بالمصحف الشريف العثماني والآثار الشريفة النبوية وغير ذلك من مصاحف وربعات. ا.ه.
قلت: المصحف المذكور المنسوب لذي النورين عثمان (رضي الله عنه) هو الذي كان بمدرسة القاضي الفاضل التي كانت بدرب ملوخية
13
المعروف الآن بدرب القزازين قرب المشهد الحسيني، وقد زالت هذه المدرسة وعفا أثرها، وكانت بها خزانة كتب عديمة النظير تجمع على ما قيل مائة ألف مجلد، ذكر المقريزي أنها تفرقت ولم يبق منها غير هذا المصحف الذي تسميه الناس مصحف عثمان بن عفان، وقد استطرد العلامة القسطلاني في المناقب التي ألفها للإمام الشاطبي ناظم الشاطبية لذكر هذا المصحف في كلامه على تولي هذا الإمام الإقراء بهذه المدرسة، فنقل عبارة المقريزي في وصفه، ثم ذكر نقله إلى قبة الغوري مع الآثار النبوية، بعد أن ذكر تشتت كتب هذه الخزانة، فقال: «ولم يبق منها إلا المصحف الكبير المكتوب بالخط الأول الكوفي المعروف بمصحف عثمان بن عفان، ويقال: إن القاضي الفاضل اشتراه بنيف وثلاثين ألف دينار، على أنه مصحف أمير المؤمنين عثمان بن عفان (رضي الله عنه)، وكان في خزانة مفردة بجانب المحراب من غربيه، وعليه جلالة ومهابة، ولم يزل بها حتى خرب ما حول المدرسة المذكورة، وآل أمرها إلى التلاشي، فنقله السلطان الأشرف أبو النصر قانصوه الغوري أجرى الله تعالى على يده الخيرات، وختم أعماله بالصالحات، كما نقل الآثار النبوية لاستيلاء السراق على القاطنين بمحلها، وعدم الأمن وخوف الضياع، إلى القبة التي أنشأها تجاه مدرسته الشريفة بقرب الأقباعيين
14
داخل باب زويلة والخرق
15
من القاهرة المعزية». انتهى.
أما كون هذه الآثار التي ذكر ابن الطولوني والقسطلاني نقلها إلى القبة هي عين الآثار التي كانت بالرباط، فقد صرح به الشيخ شمس الدين محمد بن أبي السرور البكري في الكواكب السائرة في أخبار مصر والقاهرة، فقال في الباب الذي عقده لتعداد ما اختصت به مصر وأهلها من الفضائل ما نصه: «الحادي عشر اختصاصهم بوضع الآثار الشريفة النبوية بأرضهم وبلادهم، وهي قطعة من العنزة ومرود ومخصف وقطعة من القصعة، وضم إليها أشياء من آثار الأولياء. قيل: إن الصاحب تاج الدين بن حنا اشترى هذه الآثار الشريفة بستين ألف درهم، وجعلها في مكان بالمعشوق بالروضة
نامعلوم صفحہ