صلى الله عليه وسلم
اشتراها الصاحب المذكور بمبلغ ستين ألف درهم فضة من بني إبراهيم أهل ينبع، ذكروا أنها لم تزل موروثة عندهم من واحد إلى واحد إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، وحملها إلى هذا الرباط، وهي به إلى اليوم يتبرك بها». انتهى.
ولم يزل هذا الرباط عامرا مأهولا بالمصلين والزوار، حتى تبدلت الدول واختلت الأحوال، فنقلت منه الآثار الشريفة خوفا عليها من السراق، وتغيرت معالمه بتجديد بنائه، والذي وقفنا عليه من ذلك، تجديده زمن إبراهيم باشا الدفتردار المتولي على مصر سنة 1071، كما في تراجم الصواعق في واقعة الصناجق
11
ففيه أنه لما عزل وأنزلوه من القلعة صلى الجمعة يوم 12 شوال سنة 1073 في مسجد أثر النبي الذي بمصر القديمة، وكان وسعه وجدده وبنى تحته رصيفا لدفع ماء النيل عن بنائه، ورتب له مائة عثماني، وأرصد له طينا، وعين به قراء ووظائف وحراسا قاطنين به وشرط النظر لمن يلي أغاوية اليكيجرية بمصر. وذكر الجبرتي في حوادث رجب من سنة 1224 ما نصه: «وفيه تقيد الخواجة محمود حسن بزرجان باشا بعمارة القصر والمسجد الذي يعرف بالآثار النبوية، فعمرها على وضعها القديم، وقد كان آل إلى الخراب» ا.ه. قلت: والراجح أنه البناء الباقي إلى اليوم، ولم يزل هذا المسجد مقام الشعائر والصلوات مقصودا بالزيارة على قلة، لحجر فيه يزعمون أن عليه أثر قدمه
صلى الله عليه وسلم ، وليس بصحيح، وسيأتي كلامنا عليه وعلى ما يماثله من الأحجار في تتمة ملحقة بهذا الفصل، وأما القصر الذي ذكره الجبرتي فقد زال، وبجوار المسجد الآن بعض أطلال ماثلة لعلها من بقاياه.
نقل الآثار الشريفة إلى قبة الغوري
تولى السلطان الملك الأشرف قانصوه الغوري على المملكة المصرية سنة 906 وقتل بمرج دابق شمالي حلب في قتاله مع السلطان سليم العثماني سنة 922، وهو الذي بنى المدرسة المعروفة الآن بجامع الغوري عن يمين السالك بشارع الغورية إلى باب زويلة، وبنى أمامها عن يسار السالك القبة المنسوبة إليه ليدفن بها فلم يقدر له ذلك، وفقدت جثته تحت سنابك الخيل فدفن في الحظيرة المكشوفة لهذه القبة قريبه السلطان الأشرف طومان باي آخر ملوك الجراكسة بمصر الذي تولى بعده وقتله السلطان سليم سنة 923، ودفن بها أيضا على ما في ابن إياس خوندخان تكن مستولدة السلطان الغوري المتوفاة سنة 922 مع أولادها، ونقل علي مبارك باشا في خططه عن النزهة السنية في أخبار الخلفاء والملوك المصرية لحسن بن حسين المعروف بابن الطولوني، أن السلطان الغوري بنى هذه القبة للآثار النبوية وللمصحف العثماني الذي أضافه إليها، ونص عبارته:
وقد جدد مولانا السلطان عز نصره للمصحف العثماني الذي بمصر المحروسة بخط مشهد الحسين (رضي الله عنه) جلدا بعد أن آل جلده الواقي له إلى التلف والعدم ولمكثه من زمن سيدنا عثمان إلى يومنا هذا، فألهم الله تعالى مولانا المقام الشريف خلد الله ملكه بطلبه إلى حضرته بالقلعة الشريفة، ورسم بعمل هذا الجلد المعظم المتناهي في عمله لاكتساب أجره وثوابه؛ وأن يعمل له وقاية من الخشب المنقوش بالذهب والفضة وأنواع التحسين، وبرز أمره الشريف بعمارة قبة معظمة تجاه المدرسة الشريفة التي أنشأها بخط الشرابيشيين بين سوق الجملون وسوق الخشيبة
نامعلوم صفحہ