أسعى له فيعنيني تطلبه ... ولو قعدت أتاني لا يعنيني (29) -[29] أخبرنا الشيخ الإمام أبو الفتح محمد بن أحمد بن بختيار بن علي بن المندائي، إجازة، قال: أنبا أبو غالب محمد بن الحسن بن علي الماوردي، في يوم الخميس خامس جمادى الآخرة من سنة اثنتين وعشرين وخمس مائة، قال: أنبا أبو علي علي بن أحمد بن علي التستري، بالبصرة، في مسجده بدرب الشحامين، قال: أنبا القاضي أبو عمر القاسم بن جعفر بن عبد الواحد الهاشمي، قال: ثنا أبو العباس محمد بن أحمد بن الأثرم، قثا أبو زيد عمر بن شبة بن عبيدة النميري، قثا جعفر بن الفزر العابد، بمهروبان، قال: كنت عند سفيان بن عيينة، فالتفت إلى شيخ فقال: حدث القوم بحديث الحية، فقال: حدثني عبد الجبار، أن حمير بن عبد الله، خرج إلى متصيده فمثلت بين يديه حية وقالت، أجرني أجارك الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، قال: ومم أجيرك؟ قالت، من عدو قد رهقني يريد أن يقطعني إربا إربا، قال: وممن أنت؟ قالت: من أهل لا إله إلا الله، قال: وأين أخبئك؟ قالت: في جوفك إن كنت تريد المعروف، قال: ففتح فاه، وقال: هاك، فدخلت جوفه، فإذا رجل معه صمصامة فقال: يا حمير أين الحية؟ قال: ما أرى شيئا، قال: سبحان الله، قال: نعم سبحان الله ما أرى شيئا، فذهب الرجل فأطلعت الحية رأسها، وقالت: يا حمير أتحس الرجل؟ قال: قد ذهب، قالت: فاختر مني أحد خصلتين أن أنكتك نكتة فأقتلك، أو أفرث كبدك فتلقيه من أسفل قطعا، قال: وما كافيتني؟ قال: فحينئذ تصنع المعروف عند من لا يعرفه، وقد عرفت عدواة ما بيني وبين أبيك قديما، وليس معي مال فأعطيك، ولا دابة فأحملك، قال: فأمهليني إلى سفح هذا الجبل فأمهد لنفسي، فبينا هو يمشي إذا فتى حسن الوجه طيب الريح حسن البيان، فقال له: يا شيخ ما لي أراك مستسلما للموت آيسا من الحياة؟ قال: من عدو في جوفي يريد هلاكي، قال: فاستخرج شيئا من كمه فدفعه إليه، وقال: كلها، ففعل فأصاب مغصا شديدا، ثم ناوله أخرى فأكلها فرمى بالحية من أسفله قطعا، فقال: من أنت رحمك الله فما من أحد أعظم علي منة منك؟ قال: أنا المعروف إن أهل السماء لما رأوا غدر الحية بك اضطربوا كل يسأل ربه أن يغيثك، فقال الله تعالى لي: يا معروف أدرك عبدي فإياي أراد بما صنع (30) -[30] أخبرنا إسماعيل بن عثمان القارئ، إجازة، قال: أنبا أبو الأسعد هبة الرحمن بن عبد الواحد بن عبد الكريم، قراءة عليه، قال: أنبا جدي الإمام عبد الكريم بن هوازن، قراءة عليه، قال: أنبا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران، ببغداد، قثا أبو عمرو عثمان بن أحمد المعروف بابن السماك، قثا محمد بن عبدويه الحصري، قثا بشر بن عبد الملك، قثا موسى بن الحجاج، قال: قال مالك بن دينار: قثا الحسن، عن أنس بن مالك، قال: كان رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يتجر من بلاد الشام إلى المدينة، ومن المدينة إلى بلاد الشام، ولا يصحب القوافل توكلا منه على الله، قال: بينما هو جاء من الشام يريد المدينة إذ عرض له لص على فرس، فصاح بالتاجر: قف، قال: فوقف له التاجر، وقال له: شأنك بمالي وخل سبيلي، قال: فقال له اللص: المال مالي وإنما أريد نفسك، فقال التاجر: ما ترجو بنفسي شأنك والمال وخل سبيلي؟ قال: فرد عليه اللص مثل المقالة الأولى، فقال له التاجر: أنظرني حتى أتوضأ وأصلي وأدعو ربي G قال: افعل ما بدا لك، قال: فقام التاجر وتوضأ وصلى أربع ركعات، ثم رفع يده إلى السماء، فكان من دعائه أن قال: اللهم يا ودود يا ودود يا ذا العرش المجيد، يا مبدئ يا معيد، يا فعال لما يريد، أسألك بنور وجهك الذي ملأ أركان عرشك، وأسألك بقدرتك التي قدرت بها على خلقك، وبرحمتك التي وسعت كل شيء، لا إله إلا أنت يا مغيث أغثني، يا مغيث أغثني، يا مغيث أغثني، ثلاث مرات، فلما فرغ من دعائه إذا بفارس على فرس أشهب عليه ثياب خضر، وبيده حربة من نور، فلما نظر اللص إلى الفارس ترك التاجر ومر نحو الفارس، فلما دنا منه شد الفارس على اللص وطعنه طعنة أرداه عن فرسه، ثم جاء إلى التاجر فقال له : قم فاقتله، فقال له التاجر: من أنت؟ فما قتلت أحدا قط ولا تطيب نفسي بقتله، قال: فرجع الفارس إلى اللص وقتله، ثم جاء إلى التاجر وقال: اعلم أني ملك من السماء الثالثة، حين دعوت الأولى سمعنا لأبواب السماء قعقعة، فقلنا: أمر حدث، ثم دعوت الثانية ففتحت أبواب السماء ولها شرر كشرر النار، ثم دعوت الثالثة فهبط جبريل علينا من قبل السماء وهو ينادي: من لهذا المكروب؟ فدعوت ربي أن يولني قتله، واعلم يا عبد الله أن من دعا بدعائك هذا في كل كربة، وكل شدة، وكل نازلة فرج الله عنه وأعانه، قال: وجاء التاجر سالما غانما حتى دخل المدينة، وجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره القصة، وأخبره بالدعاء، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: " لقد لقنك الله أسماءه الحسنى التي إذا دعي بها أجاب وإذا سئل بها أعطى "
صفحہ 31