انصرفت بروسربينا بصحبة ميركوري، وعادت إلى أمها العزيزة، ولكن بسبب إفطارها من صيامها وتناولها ست حبات من الرومان، تحتم عليها أن ترجع إلى هاديس ستة شهور في كل عام. وعلى هذا تختفي بروسربينا ربة الربيع عندما ينتهي فصل الصيف. وإذ تحزن كيريس ثانية، تهمل واجباتها من جديد، ويسود الشتاء الأرض إلى أن تعود بروسربينا ثانية.
تجولات باخوص
اتصف باخوص إبان طفولته بالبراءة والمرح، وكانت تعنى به حوريات نوسا ورعاة مواشيها. وعندما كبر أخذت جونو تطارده بدافع الغيرة، فلجأ إلى الترحال إلى الكثير من بلاد الدنيا، ينشر زراعة الكروم، ويعلم الناس فائدتها. وزيادة على ذلك كان يعلمهم فنون السلم والعدل والمعاملات الشريفة. وقام بعدة مغامرات، وعاقب من تدخل في طقوسه، ومن أشهر أعماله تلك التي قام بها عندما استأجر سفينة؛ لتنقله من إيكاريا إلى ناكسوس. وكان بحارة تلك السفينة، في الحقيقة، قراصنة، فتآمروا فيما بينهم على أن يبيعوا هذا الشاب الجميل عبدا. وعلى ذلك اتجهوا بسفينتهم شطر آسيا الصغرى. فلما رأى باخوص هذا أدرك قصدهم، فحول صاري السفينة ومجاذيفها إلى ثعابين ضخمة، واتخذ هو صورة أسد غضنفر، وجعل اللبلاب ينمو ويلتف حول السفينة، وانبعث من الجو أصوات النايات الحلوة ترن عند كل جانب. فلما أبصر البحارة ما حدث من معجزات، ذهلوا وأصابهم الجنون، فقفزوا إلى البحر حيث تحولوا إلى دلافين.
قصة ميداس
كان بان يفخر كثيرا بمعرفته فن الموسيقى، حتى إنه، في ذات يوم، تحدى أبولو في مباراة موسيقية. فوافق أبولو على أن يباريه، واختاروا ميداس ملك فروجيا أن يكون حكما بينهما. بدأ أبولو فعزف ألحانا جميلة على القيثارة، فرد عليه بان بنغمات عذبة على الناي. ودون أن يفكر ميداس كثيرا، حكم لصالح بان، فاستاء أبولو استياء بالغا، وبروح غير رياضية صمم على أن يعاقب ميداس على إبدائه مثل هذا الذوق الرديء، الرديء في رأي أبولو. فحول أذني ميداس إلى أذني حمار. فخجل ميداس كثيرا من ذلك التحول الغريب. ومع ذلك، فقد أخفى أذني الحمار تحت قبعته الفروجية. وتقول الأسطورة إن حلاق ميداس اكتشف السر عندما قص شعره، ولكن ميداس هدده بالعقاب الصارم الرادع إن هو أخبر أي إنسان بعيب الملك. ولمدة طويلة ظل الحلاق كاتما ذلك السر، ولكنه في يوم ما لم يطق الاحتفاظ بالسر أكثر من ذلك. فخرج إلى حقل وحفر فيه حفرة، ثم همس داخل الحفرة يقول: «لميداس أذنا حمار!»
نمت أعواد البوص، بعد ذلك في نفس تلك البقعة، فأفشت السر إلى العالم كله بهمساتها.
وحدث مكروه آخر لميداس هذا نفسه. فذات مرة قدم خدمة إلى سيلينوس معلم باخوص، فأراد هذا الأخير أن يكافئه على صنيعه، فأخبره بأنه سيمنحه أمنية مهما يكن نوعها. وفي غباء ودون تفكير، طلب ميداس أمنيته بقوله: «دع كل شيء ألمسه يتحول إلى ذهب!» وكان ميداس غنيا من قبل غنى عظيما، ولكنه أراد المزيد. وبوسعنا أن نتخيل نتيجة هذه الأمنية، فكل ما لمسه ميداس تحول إلى ذهب، حتى طعامه والماء وابنه المحبوب. وأخيرا ثارت ثائرته وأدرك خطأه، فتوسل إلى باخوص أن يسحب منه هديته، فأمره باخوص بأن يغتسل في منابع نهر باكتولوس. فأطاع ميداس واستحم في ذلك النهر، فذهبت عنه اللعنة، ما في هذا شك، ولكن رمال نهر باكتولوس ما زالت منذ ذلك الحين تحتوي على الكثير من التبر.
قصة إيو
تروى قصص كثيرة عن الحوريات الجميلات الفاتنات، وكثيرا ما نزل آلهة أوليمبوس إلى الأرض من أجل جاذبية ربة أرضية رائعة السحر والجمال. وقد وقع جوبيتر نفسه في غرام إيو، ابنة رب النهر إناخوس، الذي كان هو بدوره ابن أوقيانوس العتيد. وذات مرة، بينما كان جوبيتر يتحدث إلى تلك الحورية، لاحظ فجأة أن عيني جونو تراقبانه، فنشر من فوره سحابة حول نفسه هو وإيو، ولكن جونو ارتابت في أمر هذه السحابة فأزاحتها، والغيرة تتأجج في فؤادها، فإذا بها ترى جوبيتر واقفا وإلى جواره عجلة جميلة؛ إذ أسرع جوبيتر على الفور فحول إيو إلى تلك الصورة؛ ليتحاشى تقريع جونو.
امتدحت جونو جمال هذه العجلة، وطلبت من جوبيتر أن يعطيها إياها، فأجابها إلى ما طلبت وهو متردد. فسلمت جونو هذه العجلة إلى خادمها الأمين أرجوس ليحرسها. وكان أرجوس هذا حارسا بالغ اليقظة؛ إذ له مائة عين تتناوب النوم فيما بينها. وعلى ذلك ما من شيء يمكن أن يشغله عن الحراسة، أو يعمل على شرود انتباهه على الإطلاق. وكما هو جلي قاست هذه العجلة المسكينة كثيرا من الصعاب في صورتها الجديدة، ولم يكن بوسعها أن تعبر عن محنتها إلا بطريقة لا يفهمها أي فرد، ولكن جوبيتر تذكرها، فأرسل ميركوري ليبعد أرجوس عن طريقه.
نامعلوم صفحہ