قصص آلهة الطبيعة
كيريس وبروسربينا وبلوتر
لما قسم جوبيتر مملكة العالم، عند بداية حكمه، عهد إلى أخيه بلوتو (الذي يسمى أحيانا ديس، وأحيانا أخرى هاديس) بإدارة العالم السفلي وظلال الموتى. وفي الأيام اللاحقة سميت أرض الموتى نفسها باسم هاديس.
لم يكن بلوتو راضيا تماما عن إعطائه مملكة مظلمة ليحكمها، ولكن احتجاجه لقي آذانا صماء.
فقال جوبيتر: «ارض بنصيبك! فرغم أنه لا يوجد سكان في مملكتك الآن، فبمضي الوقت ستمتلئ بالناس؛ فكل من يعيشون فوق سطح الأرض الآن سوف يموتون عند نهاية آجالهم، وعندما يذهبون تحت سلطانك، وزيادة على ذلك فلديك جميع الثروات المخبأة في باطن الأرض، ستكون إله الثروة، وستكون بلوتو الغني.»
بعد هذا، رضي بلوتو مكرها، وبمرور الزمن صار قانعا بنصيبه، ولكنه تاق إلى زوجة تشاطره مصيره، فوعده جوبيتر بأن يعطيه بروسربينا ابنة كيريس، الفتاة الفاتنة. غير أنه خاف أن يخبر والدتها بخطته، ولم تكف جميع إلحاحات بلوتو لأن تجعله يبر بوعده، ويعلن قراره. فصمم بلوتو على أن يتناول الأمر بطريقته هو نفسه.
فذات يوم كانت بروسربينا مع خادماتها العذارى يجمعن الأزهار من حقل مشمس في صقلية. وبينما هن يتحدثن عن الأيام السعيدة التي سيتمخض عنها المستقبل، اهتزت الأرض فجأة، وانشقت تحت أقدامهن مباشرة، وخرجت من الشق الحادث عربة يقودها رجل أسمر البشرة، بغيض الخلقة. قفز ذلك الرجل من العربة بسرعة، وبغير أن ينطق بكلمة واحدة، أمسك بروسربينا بين ذراعيه، وحملها إلى العربة أمام صويحباتها، وعبثا صرخت وناضلت. فقد اختفت العربة مرة ثانية داخل الشق.
لما افتقدت كيريس ابنتها علمت بما حدث، فثارت ثائرتها يأسا. ما من أحد أمكنه أن يخبرها بشخصية ذلك الذي خطف ابنتها، فشرعت تبحث عنها في جميع بقاع الدنيا، ولكن دون جدوى. وإذ استسلمت للحزن الشديد، أهملت واجباتها. فذبلت المحاصيل وماتت، وهددت المجاعة الجنس البشري، وحاول جوبيتر أن يحث ربة المحاصيل على أن تستأنف عنايتها بثمار الأرض، ولكنها أرسلت له بدورها تخبره بأن قدمها لن تطأ بيت جوبيتر مرة أخرى، ولن تنتج حقول الأرض محاصيلها وثمارها مرة ثانية، إلا إذا عادت إليها ابنتها.
عندئذ قال جوبيتر: «إذا كانت الفتاة قد ذاقت طعاما خلال الأيام التي قضتها في هاديس فسيطلق سراحها ثانية، ولن تكون زوجة لبلوتو.»
وبناء على ذلك، أرسل ميركوري ذلك الرسول المجنح الأقدام إلى قصر العالم السفلي المظلم، ليأمر بلوتو بإخلاء سبيل الفتاة وإعادتها. فأطاع بلوتو الأمر، غير أن بروسربينا قبل أن تغادر العالم السفلي، وضع بلوتو أمامها طعاما وشرابا، ولم تكن بروسربينا حتى تلك الساعة قد وضعت لقمة طعام واحدة في فمها، بل صامت تماما عن الطعام والشراب؛ إذ كانت تعلم أن من يأكل طعام هاديس يصبح عبده، ولكنها في غمرة فرحها خرقت الوعد الذي قطعته على نفسها، فكسرت رمانة نصفين، وأكلت منها ست حبات.
نامعلوم صفحہ