الاربعون حديثا :31
فصل: اشارة الى بعض القوى الباطنية
اعلم ان الله تبارك وتعالى قد خلق بيد قدرته وحكمته في عالم الغيب وباطن النفس ، قوى لها منافع لا تحصى . ومورد بحثنا هنا هو ما يتعلق بهذه القوى الثلاث ، وهي : «الوهمية ، والغضبية والشهوانية» ، ولكل واحدة من هذه القوى منافع كثيرة لاجل حفظ النوع والشخص واعمار الدنيا والآخرة كما ذكر ذلك العلماء . والآن لا حاجة لنا بذلك ، والذي يلزم ان انبه عليه في هذا المقام هو ان هذه القوى الثلاث هي منبع جميع الملكات الحسنة والسيئة ، واصل جميع الصور الغيبية الملكوتية . وتفصيل هذا الاجمال هو ان الانسان كما ان له في هذه الدنيا صورة ملكية دنيوية ، خلقها الله تبارك وتعالى على كمال الحسن والجمال والتركيب البديع ، والمتحيرة ازاءه عقول جميع الفلاسفة والعظماء ، والذي لم يستطع علم معرفة الاعضاء والتشريح حتى الآن ان يتعرف على حاله بصورة صحيحة ، وقد ميزه الله تعالى عن جميع المخلوقات بحسن التقويم وجودة جمال المنظر ، كذلك فان له اي للانسان صورة وهيئة وشكلا ملكوتيا غيبيا ، وهذه الصورة تابعة لملكات النفس والخلقة الباطنية .
وفي عالم ما بعد الموت سواء في البرزخ او القيامة اذا كانت خلقة الانسان في الباطن والملكة والسريرة انسانية ، تكون الصورة الملكوتية له صورة انسانية ايضا . واما اذا لم تكن ملكاته ملكات انسانية ، فصورته في عالم ما بعد الموت تكون غير انسانية ايضا ، وهي تابعة لتلك السريرة والملكة . فمثلا اذا غلبت على باطنه ملكة الشهوة والبهيمية ، واصبح حكم مملكة الباطن حكم البهيمة ، كانت صورة الانسان الملكوتية على صورة احدى البهائم التي تتلاءم وذلك الخلق . واذا غلبت على باطنه وسريرته ملكة الغضب والسبعية ، وكان حكم مملكة الباطن والسريرة حكما سبعيا ، كانت صورته الغيبية الملكوتية صورة احد السباع والبهائم . واذا اصبح الوهم والشيطنة هما الملكة ، واصحبت للباطن والسريرة ملكات شيطانية كالخداع والتزوير والنميمة والغيبة ، تكون صورته الغيبية الملكوتية على صورة احد الشياطين بما يتناسب وتلك الصورة .
ومن الممكن احيانا ان تتركب الصورة الملكوتية من ملكتين او عدة ملكات ، وفي هذه الحالة لا تكون على صورة اي من الحيوانات ، بل تتشكل له صورة غيبية هذه الصورة بهيئتها المرعبة المدهشة والسيئة المخيفة لن يكون لها مثيل في هذا العالم .
ينقل عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ان بعض الناس يحشرون يوم القيامة على صور تكون اسوا من صور القردة ، بل وقد تكون لشخص واحد عدة صور في ذلك العالم ، لان الاربعون حديثا :32
صفحہ 31