الاربعون حديثا :30
ان وصف النار والجنة الوارد في كتاب الله واحاديث الانبياء والاولياء ، يتعلق غالبا بنار الاعمال وجنتها اللتين اعدتا للاعمال الصالحة والسيئة . وهناك اشارة خفية ايضا الى جنة الاخلاق ونارها ، واهميتهما اكبر ، واحيانا يشار ايضا الى جنة اللقاء ونار الفراق ، وهذه اهم من الجميع ، ولكنها اشارات محجوبة عنا ولها اهلها ، وانا وانت لسنا من اهلها ، ولكن من الاجدر بنا ان لا نكون منكرين لها . وليكن لدينا ايمان بكل ما قاله الله تعالى واولياؤه . اذ يكون في هذا الايمان الاجمالي نفع لنا . ومن الممكن ان يكون الانكار في غير محله ، والرفض في غير موقعه الصادرين عن غير علم وفهم ، اضرار كبيرة جدا علينا . وهذا الدنيا ليست هي بعالم الالتفات لتلك الاضرار ، فمثلا عند سماعك الحكيم الفلاني او العارف الفلاني او المرتاض الفلاني ، يقول شيئا لا يتلاءم وذوقك الخاص ، فلا تحكم عليه فورا بالبطلان والوهم ، فقد يكون لذلك القول اصل في الكتاب والسنة ولكن عقلك لم يطلع عليه بعد .
فما الفرق بين ان يفتي فقيه بفتوى في باب الديات وانتم لم تعرفوها ، فمن دون مراجعة دليله تردونه ، وبين ان يقول شخص سالك الى الله او عارف بالله ، قولا يتعلق بالمعارف الالهية او باحوال الجنة والنار ، وانتم ودون مراجعة لدليله لا تردونه فحسب بل وتهينونه او تتجرأون عليه ؟ فمن الممكن لذلك الشخص وهو من اهل ذلك الوادي وصاحب ذلك الفن ان يكون له دليل من كتاب الله ، او من احاديث الائمة ، ولكنك لم تطلع عليه بعد ، ففي هذه الحالة تكون قد رددت على الله ورسوله دون مبرر مقبول . ومعلوم ان الاحتجاج باسلوب «ان ذلك لا يتلاءم مع ذوقي» او «لم يصل اليه علمي» او «سمعت خلاف ذلك من الخطباء» ، فان هذا كله لا يشكل عذرا مقبولا . وعلى اي حال لنرجع الى صلب الموضوع .
فما قالوه بشان جنة الاخلاق والملكات ، وجهنم الاخلاق والدركات ، مصيبة لا يطيق العقل حتى سماعها .
اذا فيا ايها العزيز ؛ فكر ، وابحث عن العلاج ، واعثر على سبيل نجاتك ووسيلة خلاصك ، واستعن بالله ارحم الراحمين ، واطلب من الذات المقدس ، في الليالي المظلمة ، بتضرع وخضوع ان يعينك في هذا لاجهاد المقدس مع النفس ، لكي تتغلب ان شاء الله ، وتجعل مملكة وجودك رحمانية ، وتطرد منها جنود الشيطان ، وتسلم الدار الى صاحبها حتى يفيض الله عليك السعادة والبهجة والرحمة التي يهون الى جانبها كل ما سمعت عن وصف الجنة والحور والقصور ، وتلك هي السلطة الالهية العامة التي اخبر عنها اولياء الله من هذه الامة الحنيفة ، مما لم يطرق سمع احد ولم يخطر على قلب بشر .
صفحہ 30