169- وقيل: إن ذلك يختلف بحسب اختلاف الأشخاص، فالذي اقتصر على فرائض الوضوء مثلا يتوقف تكفيره الذنوب على فعل الصلوات، بخلاف من أتى فيه بالسنن، والآداب المشروعة، وحصل له من الحضور مراعاة الأدب فيه ما لم [يقم به] الأول، فهذا يكون وضوءه مستقلا بالتكفير، وفي هذا أيضا نظر، والحق أن الوضوء بمجرده يحتمل به التكفير، وكذلك الصلوات بمجردها، لكن إنما تكون مكفرة عند وجود الوضوء لها، وإلا لم تكن شيئا لعدم شرطها، فلذلك اشترط في تكفير الصلاة في هذا الحديث إتمام الوضوء قبلها، وهذا كقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر في الصحيح: ((الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إلا الكبائر)).
170- فلا منافاة بين أن يكون كل من الوضوء بمجرده والصلاة وحدها مكفرا.
171- فإن قيل: فإذا استقل الوضوء بذلك فماذا تكفره الصلاة، وكذلك القول في الجمعة مع بقية الصلوات، وفي رمضان مع البقية، وفي موافقة تأمين الملائكة، وكل ما روي في الحديث أنه مكفر مع البقية؟
172- قلنا: المقصود من جميع الأحاديث أن كل واحد من هذه صالح للتكفير، فإن وجد ما يكفره من الصغائر وإلا نرجو من فضل الله أن يخفف به من الكبائر، أو يكتب به حسنات إن لم يجد شيئا يكفره من الذنوب، وعلى كل حال فهذا الحديث الذي سقناه وما أشبهه مما سبقت الإشارة إليه مخصوص بشيئين:
173- أحدهما: الكبائر كما صرح به في أحاديث صحيحة، لأن الكبائر لا يسقطها إلا التوبة منها، قال الله تعالى: {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم} أي: جميع سيئاتكم من الكبائر والصغائر.
صفحہ 349