وشرع ينبش محفظة كجراب الكردي وهو يقول لي: هذا مكتوب الوزير، وهذا كرت المدير. كان يلقي كل ذلك على الطاولة ليريني ما كتب على الظرف، وأخيرا صاح: لقيته ... تفضل، هذا خطي ...
وبعد استراحة قليلة صاح بي: آه! لولا تعرف كم تعبت قدامهم وكم ركضت؟ يشهد علي ربي، ما كنت أنام الليل، أترجى هذا وأراضي هذاك ... الغاية وصلناهم، وصلوا وما زالوا حافظين الجميل، ما التقيت بواحد منهم إلا بش لي وقال: ننسى حليب أمنا ولا ننسى أفضالك.
قلت: ولكن كل اعتمادك على الجداول الأربعة والخط، وهذا لا يكفي، أخاف أن تعلق وتخيب، الخيبة مرة.
فضحك وقال: أنت خائف على مخول؟! أنت لا تعرف داعيك؟! والله ثم والله، أنا أنزع الدبس عن الطحينة،
6
خوفك في غير محله.
ثم أخذ يهز برأسه ويقول: هذا مخول، أنت خائف على مخول؟! خوفك في غير محله.
قال هذا وهو يحدق إلى وجهي كأنه يريد أن يأكلني بعينيه، وأخيرا صاح بعدما لطم الطاولة بجمع يده: الدنيا وهم يا صاحبي، لا بد من الجرأة، إذا لم تخف من المقام ركبته، وإلا ركبك. والحمد لله تعالى قلبي أشد من الحديد، كثرة الدعاوى صيرتني أعرف «الشريعة» مثل محام كبير، وتقلب الدول علمني السياسة، لا يهمني شيء بإذن الله ودعاك. - ألا تظن، يا مخول بيك، أن المركز يضرك ماديا ولا ينفعك؟ فجنابك - كما سمعت - صاحب عقارات واسعة تدر عليك أكثر من دخل وظيفة صغيرة تجد وراءها منذ زمان.
فتطاول للفظة بيك، وصفق تصفيقا حادا التفت له كل من في القهوة: هات قهوة يا صبي، عجل علينا.
ثم فتل شاربين معقوفين وقال باستهزاء: من خبرك أنها صغيرة؟ لا، لا يا خواجا بطرس، أنا موعود بوظيفة أكبر مما تفتكر، غدا تعرف.
نامعلوم صفحہ