لفظ هذه الكلمة مقطعة مفخمة، ثم أعاد تلك الرقبة إلى نصابها وتثاءب، فوجدتني تجاه فم كأنه مغارة قاديشا، تتدلى في سقفه وترتفع من أرضه بقايا أنياب وأضراس ... وكأنه أحس كراهية ذلك المنظر فاتقاني بيد أصابعها كالموز، ثم استرسل في الحديث وقال: كل هؤلاء الجالسين على الكراسي أعرفهم كما تعرفني وأعرفك. أمس تعشيت عند فلان، وأكد لي أن غرضي مقضي، ولولا بعض مشاكل داخلية وخارجية مستعجلة كنت على الكرسي من زمان. كل هؤلاء لولانا ما وصلوا.
فأجبته: ما فهمت.
فتضاحك وقال: بلى فهمت، لا تتجاهل، وصلك مثلما وصل غيرك ما عمله مخول لإنجاح الجماعة. يقولون لي من بعيد: كيف حالك على الفضل؟
قلت: طيب، سلمنا بهذا، ولكن أية وظيفة تقدر عليها أنت؟
فطفق يفح كالصل،
4
ويتلوى على كرسيه، وبعد همهمة وتمتمة، قال بغضب: أنا؟ أنا أي عمل أعمل؟ كل هؤلاء أولادي، ما عرفوا من السياسة والإدارة ربع ما عرفت، أعرف الأقلام الأربعة
5
بلا غلط، هذي أساس علم الحساب، الوظيفة لا تحتاج إلى أكثر. خطي جميل جميل أكثر مما تتصور، كتبت لمعالي الوزير مكتوب تهنئة، ولما التقينا البارحة قال لي: سمعت عن خطك وما صدقت حتى وصلني مكتوبك، هذا خط يدك يا مخول بيك؟ فقلت له: وخط من يا سيدي؟ فقلب شفته وقال: الرجال مخبأة في ثيابها، قليل في الدولة من يخط مثلك.
فعندما سمعت هذه الكلمة ضمنت المركز وتأكدت أنني سأعين في هذين اليومين.
نامعلوم صفحہ