الثاني: حديث النفس باختيار الفعل أو الترك لما يوافقها أو يخالفها، وهذا القسم لا يؤاخذ به أيضا.
قال في الجوامع في تفسير قوله تعالى " وإن تبدوا ما بأنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله " (1): لا يدخل فيما يخفيه الإنسان الوساوس وحديث، لأن ذلك مما ليس في وسعه الخلو منه، ولكن ما اعتقده وعزم عليه.
وعن عبد الله بن عمر أنه تلاها فقال: لأن أخذنا الله بها لنهلكن، فذكر لابن عباس فقال: يغفر الله لأبي عبد الرحمن قد وجد المسلمون منه مثل ما وجد فنزل " لا يكلف الله نفسا إلا وسعها " (2) انتهى (3).
قال المحقق الأردبيلي (طاب ثراه) وفي الاستدلال على مذهب الشيخ (من انعقاد النذر من غير لفظ " بمثل (قوله تعالى) وإن تبدوا ما بأنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله " (4) تأمل لا يخفى وكذا بمثل قوله تعالى " واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه " (5) نعم هما يدلان على العقاب بأفعال القلب، ولو بقصد المعصية، وذلك غير بعيد فإن قصد القبيح قبيح عقلا وشرعا أيضا، إلا أنه لا يعاقب عليه العقاب الذي يعاقب بفعله في الخارج، وبه يجمع بين الأدلة، بل بين
صفحہ 55