وفي "الجامع الصحيح" للإمام البخاري ذكرٌ لبعض أنواع علوم الحديث ومسائله، كالتي في تراجم الأبواب، كقوله: "بابٌ: قول المحدث حدثنا وأخبرنا" (١)، وقوله: "باب ما يذكر في المناولة" (٢)، وقوله: "باب: متى يصح سماع الصغير؟ " (٣)، وقول: "باب: كتابة العلم" (٤).
وكذلك فعل الإمام مسلم بن الحجاج، فقد ذكر مسائل عديدة من مسائل المصطلح في مقدمة (٥) صحيحه، فذكر: زيادة الثقة، وآداب الرواية، والحديث المعنعن وصحة الاحتجاج به، وجواز الجرح وأنه ليس من الغيبة.
وأيضا الإمام أبو داود السجستاني ذكر جملةً من المسائل في رسالته لأهل مكة في وصف سننه.
وزاد عليهم الإمام أبو عيسى الترمذي إذ ختم جامعه بجزء نفيس ألحقه به، عُرف فيما بعد بـ"العلل الصغير" (٦)، أودع فيه مسائل كثيرة من مسائل مصطلح الحديث، فذكر: أنواع التحمل، والرواية باللفظ، ودرجات إتقان المحدثين، وتكلم عن الحديث الحسن، والحديث المرسل، وزيادة الثقات، والغريب، والمنكر.
لكن لم يوجد في هذا الدور أبحاث تضم قواعد هذه العلوم وتذكر ضوابط تلك الاصطلاحات، اعتمادا منهم على حفظهم لها وإحاطتهم بها. (٧)
ثم استمر الأمر على ذلك، -أعني: لم يكن هناك مُصنَّفًا مستقلًا في مصطلح الحديث؛ إنما هي مسائل متفرقة- حتى انقضت القرون الثلاثة الأولى، قال الدكتور محمد بن مطر الزهراني -وهو يتحدث عن نشأة تدوين المصطلح-: " كانت قواعده تتناقل إما مشافهة وإما منثورة في مصنفات شتَّى، وذلك
_________
(١) ذكره في صحيحه في كتاب العلم ص ٦٩
(٢) ذكره في صحيحه في كتاب العلم ص ٧٠
(٣) ذكره في صحيحه في كتاب العلم ص ٧٣
(٤) ذكره في صحيحه في كتاب العلم ص ٧٨
(٥) انظر: مقدمة صحيح مسلم ص ٦١ - ٧٧
(٦) انظر: سنن الترمذي، لأبي عيسى محمد بن عيسى بن سَوْرة الترمذي (ت ٢٧٩ هـ)، تحقيق: مجموعة من المحققين، دمشق-بيروت، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى ١٤٣٢ - ٢٠١١، ص ١٢٧٩.
(٧) منهج النقد ص ٦١
1 / 12