قلنا: الإخراج يستعمل بمعنى المنع عن الدخول، يقال لمن امتنع عن الدخول في أمر وخرج منه وأخرج نفسه منه، واذ لم يكن دخل
فيه، فعصمة الله تعالى المؤمنين عن الدخول في ظلمات الضلال إخراج لهم منها، وتزيين قرناء الكفار لهم الباطل الذي يصدونهم به عن الحق إخراج لهم من نور الهدى، ولأن إيمان أهل الكتاب بالنبى
ﷺ قبل أن يظهر كان نورًا لهم وكفرهم به بعد ظهوره خروج منه إلي ظلمات الكفر، ولأنه لما ظهرت معجزاته ﵊ كان موافقه ومتبعه خارجًا من ظلمات الجهل إلى
نور العلم، ومخالفه خارجًا من نور العلم إلى ظلمات الجهل.
* * *
فإن قيل: كيف انتقل إبراهيم ﵊ إلى حجة أخرى وعدل عن نصرة الأولى، مع أنها لم تنقطع بما عارضه به نمرود من
قتل أحد المحبوسين وإطلاق الآخر، فإن إبراهيم ﵊ ما أراد هذا الاحياء والإماتة؟
قلنا: إما لأنه رأى خصمه قاصر الفهم عن ادراك معنى الإحياء والإماتة التى أضافها إبراهيم ﵊ إلى الله تعالى.
حيث عارض معارضة لفظية، وعمى عن اختلاف المعنيين، أو لأنه علم أنه فهم الحجة لكنه قصد التمويه والتلبيس. على أتباعه واشياعه.
فعدل إبراهيم ﵊ إلى أمر ظاهر، يفهمه كل أحد ولا يقع فيه تمويه ولا تلبيس.
* * *
فإن قيل: كيف طبع الله على قلبه فلم يعارض بالعكس في طلوع الشمس؟
قلنا: لأنه لو عارض به لم يأت الله بها من المغرب:
لأن ذلك أمارة
1 / 28