ودخل عليه نديمه وصديقه محمد بن أمية، وكان كاتبا شاعرا ظريفا، فأخذ يسر إليه ما في نفسه. وبينما هما يتساران إذ دخل عليهما أبو العتاهية، وقد عاد إلى التنسك ولبس الصوف وترك قول الشعر إلا في الزهد، فرفعه إبراهيم وسر به، وأقبل عليه بوجهه، فقال أبو العتاهية: أيها الأمير، بلغني خبر فتى في ناحيتك ومن مواليك يعرف بابن أمية يقول الشعر، وأنشدت له شعرا فأعجبني، فما فعل؟ فضحك إبراهيم وقال: «لعله أقرب الحاضرين مجلسا منك.» فالتفت أبو العتاهية إلى ابن أمية وقال: «أنت هو؟» فقال: «نعم، جعلت فداءك. أما الشعر فإنما أنا شاب أعبث بالبيت والبيتين والثلاثة كما يعبث الشبان.» فقال أبو العتاهية: «ذاك والله زمان الشعر. وما قيل فيه فهو غرره وعيوبه.» ثم التفت إلى إبراهيم بن المهدي وقال: إن رأى أمير المؤمنين - أكرمه الله - أن يأمره بإنشادي ما حضره من الشعر. فقال إبراهيم: أنشده يا محمد ...
فأنشده:
رب وعد منك لا أنساه لي
أوجب الشكر وإن لم تفعل
أقطع الدهر بظن حسن
وأجلي غمرة ما تنجلي
كلما أملت يوما صالحا
عرض المكروه لي في أملي
وأرى الأيام لا تدني الذي
أرتجي منك وتدني أجلي
نامعلوم صفحہ