245

الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة

الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة

ناشر

(بدون)

اصناف

الكلمة الخمسون: سوء الخاتمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، وأَشهد أَن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له وأَشهد أن محمدًا عبده ورسوله وبعد:
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ ﵁ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «إِنَّ الْعَبْدَ لَيَعْمَلُ - فِيْمَا يَرَى النَّاسُ - عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَإِنَّهُ لَمِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَيَعْمَلْ فِيْمَا يَرَى الْنَّاسُ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَإِنَّمَا الأَعْمَالُ بِخَوَاتِيْمِهَا» (^١).
قال ابن بطال: وفي تغييب خاتمة العمل عن العبد حكمة بالغة، وتدبير لطيف؛ لأنه لو علم وكان ناجيًا أعجب وكسل، وإن كان هالكًا ازداد عتوًّا؛ فحجب عنه ذلك ليكون بين الخوف والرجاء (^٢).
لأَجْلِ ذَلِكَ كَانَ خَوْفُ الصَّالِحِيْنَ مِنْ سُوَءِ الْخَاتِمَةِ شَدِيْدًا، يَقُوْلُ أَحَدُهُمْ: خَوْفُ الصَّالِحِيْنَ مِنْ سُوَءٍ الْخَاتِمَةِ عِنْدَ كُلِّ خَطرَةٍ وَحَرَكَةٍ، وَيَقُوْلُ أَبُو الدَّرْدَاءِ: مَا أَحَدٌ أَمِنَ عَلَى إِيْمَانِهِ أَلَاّ يُسْلَبَهُ عِنْدَ الْمَوْتِ إِلَاّ سُلِبَهُ (^٣)، وَلَمَّا حَضَرَتِ الْوَفَاةُ سُفْيَانَ الْثَّوْرِيَّ ﵀ جَعَلَ يَبْكِي، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ أَمِنْ كَثْرَةِ الذُّنُوبِ؟ فَقَالَ: لَا وَلَكِنْ أَخَافُ أَنْ أُسْلَبَ

(^١) صحيح البخاري برقم (٦٤٩٣)، وصحيح مسلم برقم (٢٦٥١) واللفظ للبخاري.
(^٢) فتح الباري (١١/ ٣٣٠).
(^٣) مختصر منهاج القاصدين (ص: ٣٩١).

2 / 279