البير کامی: محاولة لدراسة فکرہ الفلسفی
ألبير كامي: محاولة لدراسة فكره الفلسفي
اصناف
48
وإيفان كرامازوف (في رواية دستويسكي المشهورة الإخوة كارامازوف) هو الشخصية المضادة للرومانتيكيين. إنه لا ينكر وجود الله، بل يرفضه باسم مبدأ أخلاقي أعلى. وهو ينبذ النجاة، الخلود، والنعمة لأنه يعتقد أنه اعترافه بها معناه الاعتراف بالموت والعذاب، وبذلك يضع العدالة فوق الألوهية.
49
إنه يريد أن يجد النعمة والمحبة في العدالة، ولكنه سيمضي في رفضه لوجود الله، الذي يحمله وحده مسئولية موت الأبرياء.
مثل هذا التمرد الطائش النبيل يخضع للديالكتيك الذي يميز العدمية في كل مكان وزمان: «كل شيء أو لا شيء»: طالما أن النجاة ليست من نصيب جميع الناس، فإنني أرفض النجاة لنفسي. وحيث تختفي العدالة ويسود الظلم، يفقد كل شيء معناه، ويصبح كل شيء مباحا. وتاريخ العدمية في الزمن الحديث يبدأ في الحقيقة من هذه العبارة: «كل شيء مباح».
50
من هذه العبارة التي أطلقها إيفان كارامازوف بدأ التمرد الميتافيزيقي يخطو الخطوة الأولى على طريق الفعل. إنه يجعل شعاره الآن «كل شيء أو لا شيء»، وهو شعار يقرر بدوره أن كل شيء جائز ومباح، فيسعى إلى أن يخلق العالم خلقا جديدا، يؤكد ملك الإنسان ويضمن ألوهيته على هذه الأرض.
51
كل شيء مباح، وكل شيء جائز، فالجريمة إذن مباحة، والقتل جائز. إن الإنسان الذي يريد أن «يكون»، يصمم الآن على أن «يفعل»، فليحكم إذن، وليغز، وليسيطر.
هذه اللامعقولية المتطرفة التي تصاحب النزعة العدمية تترك أثرها على المجالين الاجتماعي والسياسي، وتدخل فيهما التناقض والتضاد الذي لا سبيل إلى رفعه أو التغلب عليه، اللهم إلا بالفناء التام والخراب الشامل؛ أي إن قوى الدم والغريزة المعتمة تصبح هي القيم الوحيدة الصالحة، وتأكيد الفعل بكل ثمن يصبح هو المبدأ الذي لا مبدأ سواه.
نامعلوم صفحہ