البير کامی: محاولة لدراسة فکرہ الفلسفی
ألبير كامي: محاولة لدراسة فكره الفلسفي
اصناف
الحق أن نقد سارتر يمكن أن يكون على صواب لو أن التمرد كان يهدف إلى النقاء المطلق أو البراءة المطلقة؛ فالحقيقة أن التمرد، كما سنرى فيما بعد، لا يصل بطموحه إلى أبعد من «الذنب المحسوب» أو «الخطيئة النسبية».
33
إنه لا يطمع في البراءة المستحيلة، بل يريد أن يكتشف مبدأ الذنب المعتدل المعقول.
34
وهو إذن لا يستطيع أن ينكر التاريخ أو يرفضه؛ لأن التاريخ هو نفسه الذي يحمل مسعاه إلى اكتشاف الحد والمقياس على كتفيه والمتمرد مهما بلغت مشقة الجهد الذي يبذله لا يمكن أن يطمح إلا إلى تقليل كمية الألم في هذا العالم: «إن القيمة الأخلاقية التي يخلقها المتمرد لا تعلو في آخر الأمر فوق الحياة والتاريخ، ولا التاريخ والحياة يعلوان عليها؛ فالحق أنها تكتسب واقعيتها في التاريخ حين يبذل إنسان حياته من أجلها، أو حين يكرس لها حياته.»
35
وإذا اضطر المتمرد في لحظة من لحظات حياته إلى قتل إنسان، فإنما يفعل ذلك لإنقاذ حياة وسعادة من يشتركون معه في الإنسانية، لا في سبيل إنسانية لم توجد بعد؛ فهي لذلك مجرد فكرة أو تجريد.
ننتهي من هذا إلى أن كامي لا يلغي التاريخ ولا يرفضه (فلو صح ذلك لكان فيه إلغاء الواقع نفسه). وإنما يرفض ذلك الاتجاه الفكري (ونعني به الحتمية التاريخية) الذي يحاول أن يجعل من التاريخ شيئا مطلقا. وهو لا ينكر التاريخ (وكيف يستطيع أن ينكره؟) وإنما ينكر موقفا عقليا يختار التاريخ والتاريخ وحده، وبذلك يختار العدمية ويتجاهل حكمة التمرد كلها.
36
ما هي الآن علاقة التمرد بالثورة؟ هل يكملان بعضهما البعض أو هل يستبعد أحدهما الآخر؟ وإذا صح أن الثورة قد حادت عن منبع التمرد الأصيل، وانحرفت عن قيمها الحقة، فما الذي يستطيعه التمرد الذي يظل على وفائه لنفسه؟ وماذا يستطيع أن يقدمه لنا لكي يفسر سلوك الإنسان ويضفي عليه معنى وقيمة؟ هذه كلها أسئلة يجب علينا أن نمتحنها عن كثب؛ فكامي يتحدث عن الثورة فيبدو من حديثه كأنها هي مسخ التمرد، بل كأنها الضد المقابل له.
نامعلوم صفحہ