البير کامی: محاولة لدراسة فکرہ الفلسفی
ألبير كامي: محاولة لدراسة فكره الفلسفي
اصناف
79
فالمحكوم عليه بالموت أبعد ما يكون عن الموافقة على المحال أو الاعتراف به، وأبعد ما يكون كذلك عن الثورة أو التمرد عليه بالمعنى الذي سنوضحه فيما بعد لكلمة التمرد. (1)
الانتحار إذن، سواء أكان جسديا أم فلسفيا، مخرج فاسد من أزمة المحال؛ لأنه باستثناء أحوال نادرة لا يصدر عن رفض أو تمرد؛ فالأغلب الأعم أن المنتحر يترك هذا العالم معزيا نفسه بأنه سيعثر وراءه على قيمة أو معنى لم يجدهما فيه. ومعنى هذا، إن جاز لنا في هذا المقام أن نستخدم تصورا من تصورات علم النفس، أن المنتحر يقدم على الانتحار مدفوعا بخيبة الأمل، ولكن إنسان المحال إنسان لا يخيب أمله أبدا ؛ لأنه لا يعرف الأمل أصلا. وإذا كان علينا أن نبحث عن حافز يدفعه على سلوكه هذا، فهو لا شك التحدي والعناد
défi . في هذا الانتحار إذن نفي للمحال، وفي الخروج عن العالم نفي لهذا العالم الذي لا نملك سواه. وقد تعلمنا أن وفاء الإنسان لقدره،
80
بل عزته وشرفه الميتافيزيقي
81
يحتمان عليه أن يؤكد ذاته في مواجهة المحال، ويجعلان واجبه في احتمال محالية العالم والإصرار على رفضها في آن واحد. (2)
الانتحار بطبيعته عجز عن الاحتمال، وتخلص من الموقف، وهروب من جدية السؤال الفلسفي الوحيد الذي بقي للفلسفة أن تسأله
82 (هل تستحق الحياة أن نحياها؟) أعني من فعل التفلسف نفسه. ورفض الانتحار معناه أن يصر الإنسان على ضرورة السؤال، وأن يعيش في إشكال وتساؤل دائمين هما لب الفلسفة نفسها، وقوام الحرية. (3)
نامعلوم صفحہ