85

الآراء الفقهية المعاصرة المحكوم عليها بالشذوذ في العبادات

الآراء الفقهية المعاصرة المحكوم عليها بالشذوذ في العبادات

ناشر

دار التحبير للنشر والتوزيع - الرياض

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م

پبلشر کا مقام

السعودية

اصناف

- ثم إن الأمر -وإن كان ظاهره الوجوب- إلا أنه يصرف عن الظاهر لقرينة ودليل، وقد دلت الأدلة السابقة، وقامت القرينة المتصلة الآتي ذكرها على صرف الأمر إلى الاستحباب، فإنه ﷺ علل بأمر يقتضي الشك. وهو قوله: «فإنه لا يدري أين باتت يده»، والقواعد تقتضي أن الشك لا يقتضي وجوبًا في الحكم، إذا كان الأصل المستصحب على خلافه موجودًا، والأصل الطهارة في اليد، فلتستصحب (^١).
- ومن القرائن الصارفة قوله: «حتى يغسلها ثلاثًا» فالتقييد بالعدد في غير النجاسة العينية يدل على الندبية (^٢)، إذِ النَّجاسة المتيقنة لا يجب فيها العدد عدا الاستنجاء، وولوغ الكلب (^٣)، وهذه الأمور إذا ضُمت إليها البراءة الأصلية لم يبق الحديث منتهضًا للوجوب ولا لتحريم الترك (^٤).

(^١) انظر: إحكام الأحكام لابن دقيق (١/ ٦٩)، قال ابن قدامة في المغني (١/ ٧٣): (وطريان الشك على يقين الطهارة لا يؤثر فيها، كما لو تيقن الطهارة وشك في الحدث، فيدل ذلك على أنه أراد الندب) قال النووي في شرحه على مسلم (٣/ ١٨٢): (مذهبنا ومذهب المحققين أن هذا الحكم ليس مخصوصًا بالقيام من النوم، بل المعتبر فيه الشك في نجاسة اليد، فمتى شك في نجاستها كره له غمسها في الاناء قبل غسلها، سواء قام من نوم الليل أو النهار أو شك في نجاستها من غير نوم، وهذا مذهب جمهور العلماء)، قال الشوكاني: (قوله «لا يدري أين باتت يده» ليس تشكيكًا في العلة بل تعليلًا بالشك وأنه يستلزم ما ذكر). نيل الأوطار (١/ ١٧٥).
(^٢) انظر: فتح الباري (١/ ٢٦٤)، شرح الزرقاني على الموطأ (١/ ١٢٩).
(^٣) انظر: المغني (١/ ٤٠)، الإنصاف (١/ ٣١٣). والمذهب في غسل النجاسات غير التي في الأرض وغير الكلب ثلاث روايات: إحداهن: يجب غسلها سبعًا. وهي المذهب. وعليها جماهير الأصحاب، واختارها الخرقي، والرواية الثانية: يجب غسلها ثلاثًا، اختارها ابن قدامة في العمدة، والثالثة: تكاثر بالماء من غير عدد، اختاره ابن قدامة في المغني، وابن تيمية.
(^٤) نيل الأوطار (١/ ١٧٥).

1 / 86