60

على مشروعيته من الكتاب المجيد ما ذكرنا من الآية السابعة والستين من سورة النساء في لومهم على عدم مجيئهم ليغتنموا شفاعة الرسول باستغفاره لهم. وإن العدول والالتفات من خطاب الله لرسوله في الآية المشار إليها إلى قوله ( واستغفر لهم الرسول ) إنما هو للإشارة إلى ان الحكمة في ذلك هو تمرينهم على الانقياد إلى الرسول ومقام الرسالة بالمجيء إلى حضرته والخضوع لكرامته بالاحتياج وطلب الاستغفار وشفاعته لهم. كل ذلك لكي ينقادوا مستوسقين إلى طاعته في أمور الدين والإيمان. وهذه المشروعية يجري وجهها وحكمتها وعلتها في شفاعة الأئمة والأولياء وليتنبه المستشفع من استشفاعه إلى كرامة المطيع لله لطاعته فيحركه ذلك إلى الرغبة في الطاعة. وهذا أمر معروف المشروعية معمول عليه في الأديان الحقة كما حكى القرآن الكريم ان أولاد يعقوب نبي الله استشفعوا بأبيهم إلى الله وطلبوا استغفاره لهم فوعدهم يعقوب بذلك كما في سورة يوسف 98 ( يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا ) 99 ( قال سوف أستغفر لكم ربي )

الاستشفاع بالمقربين من الأموات

وما ذكرناه من الحكمة يجري أيضا على رسله في الاستشفاع بهم بعد وفاتهم لكي يحفظ انقياد الناس إليهم فيما علموه وأمروا به وارشدوا اليه من امر الدين وصلاح الدارين. وللتنبه ايضا إلى كرامة الطاعة لله. فإن قال قائل كيف يستشفع بالأموات وأين هم بعد موتهم من مقام الشفاعة

بقاء النفس بعد الموت

قلنا قد عرفنا الله في كتابه المجيد ان النفوس تبقى بعد الموت على ما هي عليه من المقام النفساني اما متمتعة بمقام الكرامة واما مبتلاة بالهوان والسخط. وقرب لأفهامنا القاصرة حالة النفس بعد الموت وبقائها بمقارنة حالتيها في الموت والنوم. فقال جل اسمه في سورة الزمر 43 ( الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ) وفي سورة البقرة 154 ( ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون ) وآل عمران 169 ( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون 170 فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون 171 يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين ) . وإن قوله تعالى ( أن الله لا يضيع أجر

صفحہ 61