Al-Sahih al-Mathur fi Alam al-Barzakh wal-Qubur
الصحيح المأثور في عالم البرزخ والقبور
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤٣٦ هـ - ٢٠١٥ م
اصناف
قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً ... (٥٤)﴾ [الرّوم]، وقال تعالى: ﴿وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ ... (٧٠)﴾ [النّحل]. وعَنْ أَنَس ﵁: أَنَّ رَسُولَ الله ﷺ كَانَ يَدْعُو: "أَعُوذُ بِكَ مِنَ البُخْلِ وَالكَسَلِ، وَأَرْذَلِ العُمُرِ" (١)، فما الرّغبة في أرْذَل العمر؟ !
هذا وَمَنْ عُمِّر وارى الأحبَّة كُلَّهم في التّراب، وأُسْلِم لهموم طارقات وغموم سابغات، فَمَنْ لم يذق الموت ذاق ما هو أوجع! قَالَ الإمام الْبُخَارِيُّ:
إنْ عِشْتَ تُفجع بالأحِبّةِ كلِّهم ... وفناءُ نَفْسِك لا أبالَكَ أفْجعُ
ومَنْ عُمِّر وأُخِّر فهو كزَرْع آنَ حَصَادُهُ، ولا عذر له، قال تعالى: ﴿أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ ... (٣٧)﴾ [فاطر]، وقال النَّبيُّ ﷺ: "أَعْذَرَ اللهُ إِلَى امْرِئٍ أَخَّرَ أَجَلَهُ، حَتَّى بَلَّغَهُ سِتِّينَ سَنَةً" (٢).
ومع هذا فمن النَّاس مَنْ يكبر وتكبر معه الرَّغبة في طول العمر، قال النَّبيُّ ﷺ: "يَكْبَرُ ابْنُ آدَمَ وَيَكْبَرُ مَعَهُ اثْنَانِ: حُبُّ المَالِ، وَطُولُ العُمُرِ" (٣).
إنّ الاسْتِعدادَ لِلْمَوْتِ، وتَوْطِينَ النَّفْس عَلَيْهِ، والتَّجافي عن هذه الدّار، علامةُ خير، فما في الحياة بقاء لأحد ولا خلود، فكم من مصبح ينتظر المساء لم يبْلُغْه، وكم من مُسْتَقْبِلٍ ليلة لم يَسْتَكْمِلْها، وكم من رجل مدَّ يده إلى طعام متلذّذًا لم
_________
(١) البخاريّ "صحيح البخاري" (ج ٦/ص ٨٢/رقم ٤٧٠٧) كِتَابُ تَفْسِيرِ القُرْآنِ.
(٢) البخاريّ "صحيح البخاري" (ج ٨/ص ٨٩/رقم ٦٤١٩) كِتَابُ الرِّقَاقِ.
(٣) المرجع السّابق.
1 / 41