58

al-Muḥarrir fī ʿUlūm al-Qurʾān

المحرر في علوم القرآن

ناشر

مركز الدراسات والمعلومات القرآنية بمعهد الإمام الشاطبي

ایڈیشن نمبر

الثانية

اشاعت کا سال

١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م

اصناف

يحركهما، وقال سعيد: أنا أحركهما كما رأيت ابن عباس يحركهما، فحرك شفتيه - فأنزل الله تعالى: ﴿لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ *إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ﴾ [القيامة: ١٦ - ١٧]» (١). وهذه الحالة الغريبة كانت مثار الاستفسار، ومدعاة لطلب رؤيتها كما حصل من بعض الصحابة ﵃، فعن صفوان بن يعلى عن أبيه ﵁ قال: «كنا مع رسول الله ﷺ، فأتاه رجل عليه جبة بها أثر من خلوق، فقال: يا رسول الله. إني أحرمت بعمرة فكيف أفعل؟ فسكت عنه فلم يرجع إليه، وكان عمر ﵁ يستره إذا أنزل عليه الوحي يظله، فقلت لعمر ﵁: إني أحب إذا أنزل عليه الوحي أن أدخل رأسي معه في الثوب، فلما نزل عليه خَمَّرَهُ عمر ﵁ بالثوب، فجئته، فأدخلت رأسي معه في الثوب، فنظرت إليه، فلما سُرِّيَ عنه قال: أين السائل آنفا عن العمرة؟ فقام إليه الرجل، فقال: انزع عنك جبتك، واغسل أثر الخلوق الذي بك، وافعل في عمرتك ما كنت فاعلًا في حجِّك» (٢). وهذا يدل على أن حالة الوحي هذه قد تكون في غير القرآن، كما هو ظاهر هذا الخبر، والله أعلم. أما مجيئه إليه بالصورة البشرية فلم يرد فيه الوحي بالقرآن بها سوى خبر الحارث بن هشام ﵁ المجمل، وإنما الوارد في أمور أخرى، كما وقع في تعليم الناس أمور الدين في حديث جبريل ﵇ الطويل في سؤاله الإسلام والإيمان والإحسان وأشراط الساعة (٣)، وكان كثيرًا ما يتمثَّل بصورة الصحابي دحية الكلبي ﵁ (٤). وإجابة النبي ﷺ للحارث بن هشام تشير إلى أن مصطلح الوحي

(١) أخرجه البخاري برقم (٥). (٢) أخرجه مسلم برقم (١١٨٠). (٣) أخرجه البخاري برقم (٥٠) عن أبي هريرة ﵁؛ ومسلم برقم (٩) عن عمر ﵁. (٤) انظر على سبيل المثال: البخاري برقم (٣٦٣٤)؛ ومسلم (٢٤٥١) عن أسامة بن زيد ﵄.

1 / 65