57

al-Muḥarrir fī ʿUlūm al-Qurʾān

المحرر في علوم القرآن

ناشر

مركز الدراسات والمعلومات القرآنية بمعهد الإمام الشاطبي

ایڈیشن نمبر

الثانية

اشاعت کا سال

١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م

اصناف

المبحث الأول كيفية الوحي قد ورد في السنة ما يدل على كيفية الوحي والحال التي يكون عليها رسول الله ﷺ أثناء تلقيه له، ومن ذلك ما ورد عن الحارث بن هشام ﵁ أنه سأل رسول الله ﷺ: كيف يأتيه الوحي؟ عن عائشة أم المؤمنين ﵂ أن الحارث بن هشام ﵁ سأل رسول الله ﷺ، فقال: يا رسول الله. كيف يأتيك الوحي؟ فقال رسول الله ﷺ: «أحيانا يأتيني مثل صلصلة الجرس وهو أشده علي فيفصم عني وقد وعيت عنه ما قال، وأحيانا يتمثل لي الملك رجلًا، فيكلمني، فأعي ما يقول». قالت عائشة ﵂: ولقد رأيته ينْزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه وإن جبينه ليتفصد عرقًا (١). والسؤال - كما هو ظاهر من جوابه - متوجه إلى كيفية نزول الوحي بواسطة جبريل ﵇، وأنه كان ينْزل بهاتين الطريقتين، وفي الحديث إجمال، حيث لم يذكر هل ينْزل القرآن بهاتين الطريقتين أم بأحدهما؟ والحالة الأولى هي الحالة الأظهر في ذلك؛ لأنه ﷺ كان يعالج شدة أثناء نزول الوحي عليه، كما أشار إلى ذلك قوله تعالى: ﴿لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ *إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ﴾ [القيامة: ١٦ - ١٧]. قال ابن عباس ﵄ (ت٦٨هـ): «كان رسول الله ﷺ يعالج من التنْزيل شدة، وكان مما يحرك شفتيه - فقال ابن عباس: فأنا أحركهما لكم كما كان رسول الله ﷺ

(١) رواه مالك في موطئه برقم (٤٧٤)؛ والبخاري برقم (٢)؛ ومسلم برقم (٢٣٣٣).

1 / 64