المنصوري في الطب
المنصوري في الطب
اصناف
إنه كما يعرض من المسير الطويل في الحر الشديد قشف البدن وذبوله وصداع وحميات ونحوها من الآفات، كذلك قد يعرض من المسير في البرد آفات أخر منها الجمود والجوع والغشي والسكتة والحذر والاسترخاء والكزاز وعفن الأطراف وعقل البطن ونحوها. ومن البين أن هذه الآفات تبادر إلى المستعدين لها بالطبع، كما أنها لا تكاد تحدث بالذين أمزجتهم مقاومة لهذه الأمراض وأجسادهم معتادة للقاء البرد الشديد إلا في الندرة وعند الفرط، ونحن قائلون في ذلك نحو قولنا فيما تقدم فنقول: إن من ألجىء إلى المسير في البرد الشديد ينبغي له أن يتملأ من الطعام وينال من الشراب نيلا صالحا، ويمسك عن الحركة هنيهة بقدر ما يسخن الطعام ويسكن ما يحدث من الفورة في البدن. ولتكن أغذيته حارة بالقوة والفعل معا. وإن كان البرد شديدا جدا أو احتاج إلى أن يسير ساعة يأكل فليفتر الشراب ويشربه صرفا أويصب عليه القليل من الماء الحار بقدر ما يفتر به. وليكن شرابا قويا لطيفا لا قبض فيه ولا حموضة. وليتلثم تلثما وثيقا ولا سيما إن كان في مهب ريح باردة مقابلة له. وليحترس من ذلك أكثر إذا كانت بصدره عله وخشونة وسعلة، أو كان ضعيف الصدر والرئة. فإن هؤلاء يسرع إليهم من تنشق الهواء البارد السعال الشديد ونفث الدم. ومما يؤخذ قبل المسير في البرد الشديد الطعام المتخذ من الجوز والثوم والبصل والسمن. وللثوم خاصية في هذا المعنى وفضيلة تامة. وذلك أنه. يسخن البدن ويشعل الحرارة الغريزية حتى ينبسط في جميع البدن ويكثر في الأطراف فضلا عن وسط البدن. وكذلك يفعل الحلتيت إذا أخذ منه وزن درهم مع رطل شراب قوي أو بماء العسل. والفلفل أيضا إذا أكثر منه في الطعام أو شرب في ماء العسل. والبصل النيء والكراث والأسفيدباجات المطيبة الكثيرة التوابل. حتى إذا قطع مسيرة ونزل فلا ينبغي له أن يبادر إلى الاصطلاء ولا إلى الحمام ولا إلى النوم. لكنه ينزل سويعة في موضع دافىء >قد أوقد فيه نار، ثم يتقرب إلى النار على تدرج قليلا قليلا. فإن كان مسه في مسيره برد شديد فليدخل الحمام ويطيل اللبث فيه ويتدلك، فإن لم يجد حماما فليسخن بيته بالوقود ثم يتدلك هناك حتى تحمر بشرته ثم يطيل النوم في دثار وطيء كثير، فإنه بهذا التدبير يمكن أن يسلم من الحمى.
في علاج من أصابه جمود من البرد:
صفحہ 287