191

المنصوري في الطب

المنصوري في الطب

ينبغي لمن خاف العطش في طريقه أن لا يستوفي طعامه قبل مسيره بل يأكل شيئا قليلا من البقول الباردة والبوارد الحامضة. أو يشرب من السويق والسكر بالماء البليغ البرد. وليحذر الأكل من المالح والحلو والحريف. والسمك وخاصة طريه ومالحه وممقورة وجميع ضروبه فإنه يعطش. والكواميخ والرواصيل المالحة منها والمرة والكبر خاصة والزيتون فإنهما معطشان. وأما البصل المنقوع بالخل ونحوه من الرواصيل فإنها تسكن العطش.. وينبغي أن لا يحث ولا يستعجل في السير بل يترفق. فإن الحث والعجلة والحركة تلجىء إلى تواتر النفس وعظمه، وذلك من أبلغ الأشياء في تهيج العطش. ولا يكثر من الكلام فإن الإكثار منه يعطش أيضا، وإن اضطر إليه فليخفض الصوت ما أمكن لأن الصياح يهيج الحرارة والعطش جدا. ومما يسكن العطش ويدفعه مدة طويلة أخذ الرائب الحامض والبقلة الحمقاء والخس والقرع والخيار والبطيخ غير الحلو والكمثري الكثير الماء القليل القبض غير الصادق الحلاوة والرمان والتفاح ونحوها من الفواكه الحامضة وحماض الأترج والحصرم والريباس والإجاص. فهذه إذا أخذت قبل المسير منعت هيجان العطش. ومما يمسك في الفم ويتعلك به عند المسير فيدفع العطش: الإجاص اليابس الحامض يلاك واحدة واحدة. والتمر الهندي. وحب الرمان الحامض. أو يؤخذ المصل شيء بعد شيء في الفم حتى يذوب. ولا يصلح الرخبين لذلك ولا السماق أو نحوه. وينفع أيضا بعض النفع أن يمسك في الفم قطعة من البلور أو الصدف أو الفضة الخالصة المجلوة ويضم الشفتين ولا ينشق الهواء بالفم أصلا ما أمكن. ويشم ساعة بعد ساعة من بعض الرياحين الباردة. وينشق الأدهان المبردة ويضمد البطن بالبقول الباردة. أو يطلى بالطلاء المذكور في باب السموم. وإذا كان في الماء قلة فليمزج بالخل. فإن قليله حينئذ يبلغ من تسكين العطش مبلغا عظيما ويغتذي بمسكنات العطش ويحذر مهيجاتها. صفة أقراص تطفىء الحرارة وتسكن العطش وتنفع من الحميات الحادة المحرقة عامة النفع، ويؤخذ منها قبل المسير الحبة بعد الحبة في الفم فيقطع العطش غاية الفطع ويطفىء اللهيب والحرارة: يؤخذ من بزر الخيار وبزر القرع جزء جزء وبزر الخس وبزر البقلة الحمقاء من كل واحد نصف جزء. ورب السوس الخالص النقي ربع جزء. يدق الجميع ويعجن بماء البقلة الحمقاء أو بلعاب البزر قطونا ويتخذ أقراصا صغارا في شكل الترمس. ويؤخذ منها عند المسير الواحدة بعد الواحدة في الفم، ولا تمضع بل تترك حتى تنحل قليلا قليلا وتذوب ويبلع ماؤها. أما قبل المسير إذا أريد بها تسكين الحمى الحارة، فليؤخذ منها وزن ثلاثة دراهم ببعض ربوب الفواكه التي ذكرناها. وإن كان في الصدر خشونة أخذت بالجلاب أو بشراب البنفسج. وهذه الأقراص تنفع من حرقة البول غاية النفع وهي مجربة. ومن بلغ به العطش في طريقه، فينبغي أن لا يرتوي ساعة يصادف الماء بل يتمضمض به ثم يتجرع منه قليلا قليلا ويضع أطرافه فيه ويغسل منه وجهه ويدخل فيه إن أحب ذلك ولا يشرب منه إلا أقل ما يقدر عليه الجرعة بعد الجرعة ثم ليأكل من بعض الأغذية التي وصفناها ويزيد في الشراب قليلا قليلا من غير أن يروى ريا تاما. فإنه بهذا التدبير يمكن أن يسلم من العطش المهلك وسائر الأعراض السوء التابعة له.

في تدبير من احتاج أن يسافر في البرد والثلج الكثير:

صفحہ 286