Al-Maghribiyya fi Sharh al-'Aqida al-Qayrawaniyya

Abdul Aziz al-Tarefe d. Unknown
82

Al-Maghribiyya fi Sharh al-'Aqida al-Qayrawaniyya

المغربية في شرح العقيدة القيروانية

ناشر

دار المنهاج للنشر والتوزيع

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

١٤٣٨ هـ

پبلشر کا مقام

الرياض - المملكة العربية السعودية

اصناف

تشبيهٍ أو تمثيلٍ، أو تحريفٍ وتعطيلٍ، والخوضُ فيما نَهَى اللهُ عنه يؤدِّي إلى هلاكِ صاحبِه، وهو مِن أسبابِ دخولِ النار؛ فقد ذكَرَ اللهُ قولَ أهلِ النارِ في سبَبِ دخولِهم فيها: ﴿وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ﴾ [المدثر: ٤٥]. وإنما نَهَى اللهُ عن الخوضِ فيما لا يُدرِكُهُ العقلُ: لأنه بابٌ للشيطانِ لإغواءِ الناسِ؛ فيستدرِجُهُمْ إلى الخوضِ في غَيْبٍ لا يُحسِنُونَه، ويَغُرُّهم بعقولِهم، وربَّما ابتدَأَ بهم بالمشروعْ، تطمينًا لنفوسِهم حتى يَجُرَّهم إلى الممنوعْ؛ كما في قولِهِ ﷺ: (إِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْتِي أَحَدَكُمْ، فَيَقُولُ: مَنْ خَلَقَ السَّمَاءَ؟ فَيَقُولُ: اللهُ ﷿، فَيَقُولُ: مَنْ خَلَقَ الْأَرْضَ؟ فَيَقُولُ: اللهُ، فَيَقُولُ: مَنْ خَلَقَ اللهَ؟ فَإذَا أَحَسَّ أَحَدُكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، فَلْيَقُلْ: آمَنْتُ بِاللهِ وَبِرُسُلِهِ) (١) وفي روايةٍ: (فَلْيَسْتَعِذْ بِاللهِ وَلْيَنْتَهِ) (٢)، والنهيُ ليس للبدءِ بالتفكُّرِ المشروع، وإنما للحذَرِ أن يكونَ طريقًا للممنوع. ويجبُ إمساكُ العقولِ والأذهانِ عن استرسالِها بالتفكُّرِ في كيفية ذاتِ اللهِ وصفاتِهِ؛ لأنَّ الأذهانَ تشبِّهُ وتمثِّلُ وتكيِّفُ؛ فلا يُمكِنُ لعقلٍ أن يبتكِرَ وصفًا جديدًا لذاتٍ لم يَرَها مِن قبلُ، ولو ابتكَرَ جديدًا، فإنَّما هي صفاتٌ مركَّبةٌ مِن عِدَّةِ ذواتٍ جمَعَها لذاتٍ واحدةٍ، فكلُّ عقلٍ يصوِّرُ الغائبَ عنه على ما يَرَى؛ حتى تَختلِفَ الصُّوَرُ في العقولِ للذاتِ الواحِدةِ؛ لاختلافِ المَشاهِدِ في كلِّ عقل؛ ولهذا نَهَى السلفُ عن الجدالِ في اللهِ وأسمائِهِ وصفاتِه. وقد قال ابنُ عبد البَرِّ: "نُهِينا عن التفكُّرِ في الله، وأُمِرْنا بالتفكُّرِ في

(١) أحمد (٢/ ٣٣١ رقم ٨٣٧٦) من حديث أبي هريرة. (٢) البخاري (٣٢٧٦)، ومسلم (١٣٤/ ٢١٤).

1 / 87