Al-Khulasah fi Tadabbur al-Qur'an al-Karim
الخلاصة في تدبر القرآن الكريم
ناشر
دار الحضارة للنشر والتوزيع
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤٣٧ هـ - ٢٠١٦ م
اصناف
أنواع تدبر القرآن
(مَطالِب المُتَدَبِّرين ومقاصِدهم)
النوع الأول: تدبره لمعرفة صِدْق من جاء به، وأنه حق من عند الله تعالى:
وذلك أن الله تعالى نَعَى على المنافقين إعراضهم عن طاعة الرسول ﷺ، فقال: ﴿وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (٨١) أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا﴾ (النساء: ٨١ - ٨٢).
قال ابن جرير ﵀ في تفسير قوله تعالى: ﴿طس تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ (١)﴾ (النمل: ١): «يَبِين لِمَن تَدَبَّرَه وفَكَّر فيه بفَهْم أنه من عند الله، أنزله إليك، لم تَتَخَرَّصه أنت، ولم تَتَقَوَّله ولا أحد سِوَاك من خَلْق الله؛ لأنه لا يَقْدِر أحد من الخَلْق أن يأتي بمثله، ولو تَظَاهَر عليه الجِنّ والإنس» اهـ (١).
قال ابن القيم ﵀: «ومن شهادته أيضًا ما أودعه في قلوب عباده من التصديق الجازم، واليقين الثابت، والطمأنينة بكلامه ووحيه، فإن العادة تُحيل حصول ذلك بما هو من أعظم الكذب والافتراء على رب العالمين، والإخبار عنه بخلاف ما هو عليه من أسمائه وصفاته، بل ذلك يُوقِع أعظم الرَّيْب والشك، وتدفعه الفِطَر والعقول السليمة، كما تَدفع الفِطَرُ التي فُطِر عليها الحيوان الأغذية الخبيثة الضارة التي لا تُغَذِّي؛ كالأبوال والأنتان؛ فإن الله ﷾ فَطَر القلوب على قبول الحق، والانقياد له، والطمأنينة به، والسكون إليه، ومحبته، وفَطَرها على بُغْض الكذب والباطل، والنفور عنه، والريبة به، وعدم السكون إليه، ولو بقيت الفِطَر على حالها
_________
(١) تفسير الطبري (١٨/ ٥ - ٦).
1 / 27