مداواة النفوس

ابن حزم d. 456 AH
26

مداواة النفوس

الأخلاق والسير في مداواة النفوس

تحقیق کنندہ

بلا

ناشر

دار الآفاق الجديدة

ایڈیشن نمبر

الثانية

اشاعت کا سال

١٣٩٩هـ - ١٩٧٩م

پبلشر کا مقام

بيروت

الْإِجْمَال وقبحه وَأما أَنا فَإِنِّي إِن قلت لَا آلم لنيل من نَالَ مني لم أصدق فالألم فِي ذَلِك مطبوع مجبول فِي الْبشر كلهم لكني قد قصرت نَفسِي على أَن لَا أظهر لذَلِك غَضبا وَلَا تخبطا وَلَا تهيجا فَإِن تيَسّر لي الْإِمْسَاك عَن المقارضة جملَة بِأَن أتأهب لذَلِك فَهُوَ الَّذِي أعْتَمد عَلَيْهِ بحول الله تَعَالَى وقوته وَإِن بادرني الْأَمر لم أقارض إِلَّا بِكَلَام مؤلم غير فَاحش أتحرى فِيهِ الصدْق وَلَا أخرجه مخرج الْغَضَب وَلَا الْجَهْل وَبِالْجُمْلَةِ فَإِنِّي كَارِه لهَذَا إِلَّا لضَرُورَة دَاعِيَة إِلَيْهِ مِمَّا أَرْجُو بِهِ قمع المستشري فِي النّيل مني أَو قدع النَّاقِل إِلَيّ إِذْ أَكثر النَّاس محبون لإسماع الْمَكْرُوه من يسمعونه إِيَّاه على أَلْسِنَة غَيرهم وَلَا شَيْء أقدع لَهُم من هَذَا الْوَجْه فَإِنَّهُم يكفون بِهِ عَن نقلهم المكاره على أَلْسِنَة النَّاس إِلَى النَّاس وَهَذَا شَيْء لَا يُفِيد إِلَّا إِفْسَاد الضمائر وَإِدْخَال التمائم فَقَط ثمَّ بعد هَذَا فَإِن النائل مني لَا يَخْلُو من أحد وَجْهَيْن لَا ثَالِث لَهما إِمَّا أَن يكون كَاذِبًا وَإِمَّا أَن يكون صَادِقا فَإِن كَانَ كَاذِبًا فَلَقَد عجل الله لي الِانْتِصَار مِنْهُ على لِسَان نَفسه بِأَن حصل فِي جملَة أهل الْكَذِب وَبِأَن نبه عَليّ فضلي بِأَن نسب إِلَيّ مَا أَنا مِنْهُ بَرِيء الْعرض وَمَا يعلم أَكثر السامعين لَهُ كذبه إِمَّا فِي وقته ذَلِك وَإِمَّا بعد بحثهم عَمَّا قَالَ وَإِن كَانَ صَادِقا فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو من أحد ثَلَاثَة أوجه إِمَّا أَن أكون شاركته فِي أَمر استرحت إِلَيْهِ استراحة الْمَرْء إِلَى من يقدر فِيهِ ثِقَة وَأَمَانَة فَهَذَا أَسْوَأ النَّاس حَالَة وَكفى بِهِ سقوطا وضعة وَإِمَّا أَن يكون عابني بِمَا يظنّ أَنه عيب وَلَيْسَ عَيْبا فقد كفاني جَهله شَأْنه وَهُوَ الْمَعِيب لَا من عَابَ وَإِمَّا أَن يكون عابني بِعَيْب هُوَ فِي على الْحَقِيقَة وَعلم مني

1 / 36