وأخيرا هونها الله وانفكت عقدة لسانه وقال: وكيف أتزوج يا شيخ، ولم أجد بعد فتاة واحدة ملأت عيني وقلبي؟
فقلت: عجيب! هل انقطع نسل حواء؟
فقال: نعم، اسمع حتى أخبرك. فأسما رشيقة القوام كأن الشاعر يعنيها بقوله:
إذا قامت لحاجتها تثنت
كأن عظامها من خيزران
بهية الطلعة، فتاة متنورة، بنت مثقفة، ذوق سليم، ذكاء حاد، تكفيها الإشارة لتفهم. ولكنها، وا أسفاه! شرسة، سريعة الانفعال، مستبدة برأيها، تريد أن تكون الكلمة الأخيرة لها، فكيف تصفو أيامي بقربها؟
وهند بنت بيت، جمال ساحر، ودوطة ضخمة، معها الكثير من الدنانير الرنانة لا المخشخشة، ولكنها متكبرة، شامخة بأنفها، تعد نفسها فوق البشر، لا تلتفت إلى من هم دونها إلا لتزدريهم. لا يعجبها أحد في الدنيا. فهل يطيب عيشي إذا اقترنت بها واتخذتها شريكة لحياتي؟
وسلمى أسيرة الموضة، تقضي أغلب ساعاتها منكبة على البيانو، تحب اللهو، ولا ترى إلا متنقلة من سينما إلى مسرح، ومن صالة إلى قاعة، لا تهتم إلا بما تهتز له أوتار قلبها، حملت والدها حملا ثقيلا من الدين، فهل يرجى أن تكون ربة بيت في المستقبل؟ وهل تحسن تربية الأولاد على الاقتصاد ما زالت هذه ميولها؟
وجوزفين جامعة لشتات المحاسن، إلا أنها تقامر كوالدتها، وتشرب أيضا ... وإحدى هاتين الآفتين تهدم أكبر بيت، فكيف بهما إذا اجتمعتا؟ ألا تحول بيتي منتدى وقهوة إذا ابتليت بها؟
عفوا، نسيت أن أخبرك أنها لا تدع السيكارة حتى تمسك نربيج الأركيلة، لا تحدثك إلا عن الماتينيه والسواريه، وعن حفلات الكوكتيل بعبارات هي كوكتيل حقا. وبألفاظ كأنها مسبحة الدرويش. - طيب، إياك أن تنسى شيئا، هات كل ما عندك.
نامعلوم صفحہ