فيذكر اليعقوبي [١] أن الهادي لما ألحّ في طلب الطالبيين وأخافهم خوفا شديدا. . .
«عزم الشيعة وغيرهم إلى الحسين بن علي وكان له مذهب جميل وكمال ومجد وقالوا له أنت رجل أهل بيتك وقد ترى ما أنت وأهلك وشيعتك فيه من الخوف والمكروه. . . الخ»، وهنا يقف الدارس ليتساءل لماذا اتجهت الانظار إلى الحسين بن علي وليس إلى غيره من الطالبيين، ولا سيّما يحيى بن عبد الله أو إدريس بن عبد الله، وكانا أكبر من الحسين بن علي، وهما أخوا النفس الزكيّة لأبيه؟ وهنا لا يسعنا إلا طرح افتراضات، يبقى نصيبها من الصحة أو عدمها ينتظر اكتشاف مصادر جديدة:
-فإمّا أن يكون الحسين بن علي الفخي لم يشترك في ثورة النفس الزكيّة لصغر سنّه (حوالي سبعة عشر عاما) ولأنه كان وحيد أمه التي فجعت بموت أبيها وعمومتها وزوجها قبل الثورة [٢]، ولهذا لم يكن فيمن سجن وضيّق عليه بعد الثورة؛
-أو أن يكون قد اشترك في الثورة ولم يسجن،
-أو أن يكون يحيى وإدريس اشتركا في الثورة وسجنا بعدها. ويذكر إدريس في رسالة له إلى أهل مصر أنه سجن زمن المهدي [٣].
-أو أن يكون يحيى وإدريس لم يشتركا في الثورة، إذ كانا ضمن الدعاة الذين أرسلهم محمد بن عبد الله إلى الآفاق، وقد ذكر الأشعري أن إدريس كان قد أرسله أخوه محمد إلى المغرب ليدعو له [٤]. ومن المحتمل كذلك أن يحيى قد كان خارج
_________
[١] تاريخ ٢/ ٤٨٨.
[٢] وإلا فإن سنّ الخامسة عشرة هي سن البلوغ والنّضج، ويجوز لمن بلغها-بحسب السنّة-أن يشترك في القتال، إذ انّه يصبح مكلّفا.
[٣] انظر ما يلي ص ٣٢٣؛ وقد رجّحت أن الرسالة منسوبة لإدريس.
[٤] مقالات الاسلاميين ٧٩؛ وانظر ما تقدّم ص ٤٠ - ٤١.
1 / 46