وأما الحال الَّتِي يَكُونُ التَّوْقِيعُ فِيهَا خَالِيًا مِنْ كَمَالٍ وجواز، فهو ان يذكر فيه " اُنْظُرْ بَيْنَهُمَا" فَلَا تَنْعَقِدُ بِهَذَا التَّوْقِيعِ وِلَايَةٌ، لِأَنَّ النَّظَرَ بَيْنَهُمَا قَدْ يَحْتَمِلُ الْوَسَاطَةَ الْجَائِزَةَ، وَيَحْتَمِلُ الْحُكْمَ اللَّازِمَ، وَهُمَا فِي الِاحْتِمَالِ سَوَاءٌ، فلم تنعقد به مع الاحتمال الولاية. فإن ذَكَرَ فِيهِ " اُنْظُرْ بَيْنَهُمَا بِالْحَقِّ" فَقَدْ قِيلَ: إنَّ الْوِلَايَةَ بِهِ مُنْعَقِدَةٌ، لِأَنَّ الْحَقَّ مَا لَزِمَ. وَقِيلَ: لَا تَنْعَقِدُ بِهِ لِأَنَّ الصُّلْحَ والوساطة حق وإن لم يلزم.
فصل في ولاية النقابة على ذوي الأنساب
وهي مَوْضُوعَةٌ عَلَى صِيَانَةِ ذَوِي الْأَنْسَابِ الشَّرِيفَةِ عَنْ وِلَايَةِ مَنْ لَا يُكَافِئُهُمْ فِي النَّسَبِ. وَلَا يساويهم في الشرف، ليكون عليهم أحنى، وأمره فيهم مضي. رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أنه قال " اعرفوا أنسابكم، تصلوا أرحامكن، فَإِنَّهُ لَا قُرْبَ بِالرَّحِمِ إذَا قُطِعَتْ وَإِنْ كَانَتْ قَرِيبَةً. وَلَا بُعْدَ بِهَا إذَا وُصِلَتْ وَإِنْ كَانَتْ بَعِيدَةً". وَوِلَايَةُ هَذِهِ النِّقَابَةِ: تَصِحُّ مِنْ إحْدَى ثَلَاثِ جِهَاتٍ: إمَّا مِنْ جِهَةِ الْخَلِيفَةِ الْمُسْتَوْلِي عَلَى كُلِّ الْأُمُورِ. وَإِمَّا مِمَّنْ فَوَّضَ الْخَلِيفَةُ إلَيْهِ تَدْبِيرَ الْأُمُورِ، كَوَزِيرِ التَّفْوِيضِ، أو أمير الإقليم. وإما من نقيب عام الولاية، واستخلف نقيبا جعله خَاصَّ الْوِلَايَةِ. فَإِذَا أَرَادَ الْمَوْلَى أَنْ يُوَلِّيَ على الطالبيين نقيبا، وعلى العباسيين نقيبا، تخير مِنْهُمْ أَجَلَّهُمْ بَيْتًا، وَأَكْثَرَهُمْ فَضْلًا، وَأَجْزَلَهُمْ رَأْيًا وولاه عليهم، ليجمع شُرُوطُ الرِّيَاسَةِ وَالسِّيَاسَةِ، فَيُسْرِعُوا إلَى طَاعَتِهِ بِرِيَاسَتِهِ، وَتَسْتَقِيمُ أُمُورُهُمْ بِسِيَاسَتِهِ. وَالنِّقَابَةُ عَلَى ضَرْبَيْنِ: خَاصَّةٌ،وعامة. فأما الخاصة: فهي أَنْ يَقْتَصِرَ بِنَظَرِهِ عَلَى مُجَرَّدِ النِّقَابَةِ مِنْ غَيْرِ تَجَاوُزٍ لَهَا إلَى حُكْمٍ، وَإِقَامَةِ حَدٍّ، فَلَا يَكُونُ الْعِلْمُ مُعْتَبَرًا فِي شُرُوطِهَا.
وَيَلْزَمُهُ فِي النِّقَابَةِ عَلَى أَهْلِهِ مِنْ حُقُوقِ النَّظَرِ اثْنَا عَشَرَ حَقًّا: أَحَدُهَا: حِفْظُ أَنْسَابِهِمْ مَنْ دَاخِلٍ فِيهَا وَلَيْسَ مِنْهَا، أَوْ خَارِجٍ عَنْهَا وَهُوَ مِنْهَا. فَيَلْزَمُهُ حِفْظُ الْخَارِجِ مِنْهَا، كَمَا يَلْزَمُهُ حِفْظُ الدَّاخِلِ فِيهَا، لِيَكُونَ النَّسَبُ مَحْفُوظًا على صحته، معزوا
1 / 90