أحدها: معرفة المولي للمولى، وأنه عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي يَجُوزُ أَنْ يُوَلَّى مَعَهَا. فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي تَجُوزُ مَعَهَا تِلْكَ الْوِلَايَةُ لَمْ يَصِحَّ تَقْلِيدُهُ.
فإن عرفها بعد التقليد استأنفها، ولم يعول على ما تقدمها. الثاني: معرفة المولي أن المولى على الصفة التي تستحق الولاية. الثَّالِثُ: ذِكْرُ مَا تَضْمَنَّهُ التَّقْلِيدُ. مِنْ وِلَايَةِ القضاء، أم إمارة البلاد، أو جباية الخراج، لينظر على أيّ صفة انعقدت. الرابع: ذكر البلاد التي انعقدت الولاية عليها. فإن عقدت مع الجهل لم يصح. ويحتاج فِي لُزُومِ النَّظَرِ إلَى شَرْطٍ زَائِدٍ عَلَى شُرُوطِ الْعَقْدِ، وَهُوَ إشَاعَةُ تَقْلِيدِ الْمُوَلَّى فِي أهل عمله، ليذعنوا بالطاعة له، وَيَنْقَادُوا إلَى حُكْمِهِ، وَهُوَ شَرْطٌ فِي لُزُومِ الطاعة، وليس بشرط في نفوذ الحكم. وإذا صحت الولاية بما ذكرنا. فقد قيل: إن نَظَرُ الْمُوَلِّي وَالْمُوَلَّى كَالْوَكَالَةِ، لِأَنَّهُمَا مَعًا اسْتِنَابَةٌ، وَلَمْ يَلْزَمْ الْمَقَامُ عَلَيْهَا مِنْ جِهَةِ الْمُوَلَّى، وكان للمولي عزله متى شاء، وللمولى الانعزال عَنْهَا إذَا شَاءَ، غَيْرَ أَنَّ الْأَوْلَى بِالْمُوَلِّي أن لا يعزله إلا بعذر. وأن لا يعتزل المتولي إلَّا مِنْ عُذْرٍ، لِمَا فِي هَذِهِ الْوِلَايَةِ من حقوق المسلمين. وقد قيل: ليس للمولي عزله ما كان مقيمًا على الشرائط، لأنه بالولاية يصير ناظرًا للمسلمين على سبيل المصلحة لا عن الإمام. ويفارق الموكل، فإن له عزله وكيله، لأنه ينظر في حق موكله خاصة. وقد قال أحمد في رواية يوسف بن موسى، وقد سئل عن الإمام يعزل، فيصلي بالناس الجمعة؟ قال " لا بأس: قد كان الحسن يأمر من يصلى بالناس في فتنة المهلب". وظاهر هذا أنه أجاز عزله. لأنه لم ينكر سؤالهم عزله. والظاهر: أن المراد به عزل إمامة الخلافة.لأنه استشهد بفعل الحسن في قصة المهلب. وإذا عَزَلَ أَوْ اعْتَزَلَ وَجَبَ إظْهَارُ الْعَزْلِ، كَمَا وَجَبَ إظْهَارُ التَّقْلِيدِ، حَتَّى لَا يَقْدَمُ عَلَى إنْفَاذِ حُكْمٍ، وَلَا يَغْتَرُّ بِالتَّرَافُعِ إلَيْهِ خَصْمٌ. فإن حكم بعد عزله - وقد عرف العزل - لَمْ يَنْفُذْ حُكْمُهُ، وَإِنْ حَكَمَ غَيْرَ عَالِمٍ بعزله كان في نفوذه حكمه وجهان مبنيان على الوكالة، إذا تصرف الوكيل بعد العزل وقبل العلم. وإذا كانت ولاية القاضي عامة فنظره يشتمل على عشرة أحكام: أحدها: فصل الْمُنَازَعَاتِ، وَقَطْعُ التَّشَاجُرِ، وَالْخُصُومَاتِ.
إمَّا صُلْحًا عَنْ تراض، أو إجبارًا بحكم بات. الثاني: استيفاء الحقوق من الممتنع منها وإيصالها إلى مستحقها بعد ثبوت استحقاقها بالإقرار، أو البينة، ولا يجوز الحكم بعلمه.
1 / 65